السبت، 31 ديسمبر 2011

[لعبة] التعرّض


يبدو أن أحد أولياء الله الصالحين دعا لي أن أٌكمِل مشروعاً شخصياً واحداً على الأقل هذه السنة، حتى وإن كان قبل ساعة أو ساعتين من بدأ العام الجديد.
التعرّض لعبة قصيرة جداً أتممتها كمشاركة في (زنقة تاكو الألعاب) التي أٌقيمت في منتصف شهر ديسمبر، أنهيت نصف اللعبة في يومين والنصف الآخر في أيام متفرقة على امتداد هذا الأسبوع بمساعدة أحمد منير -إيفان- (يمكنك مشاهدة فيديو ملخّص يومي الزنقة وتسجيل تجوّل كامل للعبة بالأسفل)، اللعبة تجريبية، مجرد اختبار لجدوى بعض تقنيات الرواية في حدود التفاعل المتوفّر في الألعاب.
عاماً سعيداً للجميع.

الأحد، 11 ديسمبر 2011

المملكة المثالية


2 لـ"كورين شادمي"

لاحظت تواً أن ساعة يدي توقفت عن العمل, بالدليل, في الساعة الواحدة والنصف, إلا دقيقة... افترضت ان في هذه الدقيقة يقع عالمي المثالي, كنت قد ظننت أني تعافيت من هذا الهوس بالكمال, لكن بقيَت دقيقة لأتخيّل فيها كيف سيكون هذا العالم...

كبداية, من المؤكد أن الثواني الأولى لن أقضيها في تخيّل هيئة هذا العالم كما أفعل الآن, ومن المؤكد أني لن أتردد في التشكيك في حقيقة أياً مما ظهر من هيئته كما يبدو أني أفعل الآن, ومن المؤكد أيضاً أني لن أندم على الثواني الضائعه بعد أن أتأكد من أن ما تأكدت منه سابقاً لم يكن حقاً... مؤكداً, ومن المؤكد أنه لا مؤكد إلا في مملكتي المثالية تلك التي لم تأتي دقيقتها بعد, حينها ربمّا أدركت أنه يتوّجب علي الإكتفاء بالتخيّل...

ربما إذن, أتخيّل الجميّع متفهّمين, ليس الجميع ربما, فقط من حولي, المستعدين للعب, مبتسمون ربما, نمارس الأفعال بلا اعتراض, نرسم على الطرقات ربما أو نصنع الدمي, نتلاعب بالحبال أو نستريح قليل على الشاطئ, هواء نظيف أيضاً, ليس شرط, فقط لطيف, لا مانع من تجربة القليل من الأشياء الاعتيادية, القليل منها فقط, ربما حينها لن تكون كذلك, بدون الحاجة لمطاردة سكون الآخرين...

الأحد، 20 نوفمبر 2011

العلوق

الأهم الوجه
فكّرت في هؤلاء بلا داعي, وسألت مداعباً الصغير القابع في رأسي عن ما يتحدث عنه من لا يحدث في حياتهم شيء إذا اجتمعوا, بالطبع لم تتطلب الإجابة الكثير من التفكير, فهم حولنا في كل مكان, لو قدر لك أن تراهم أو الأسوأ -والمؤكد- أن تحادثهم أو تتعامل معهم فلا تتسامح, لا تبتسم.
اعتدت أن أطيل النظر بصمت ربما مع ابتسامة تجاهل, كنت أسمعهم يتحدثون في الدين, في السياسة, في الاقتصاد, في فضائح المشاهير, في كرة القدم. سيتقاذفون الأسماء في مشهد كوميدي, سيتعاملون مع الألفاظ بحرفية تامة وبتقديس غير مفهوم - حتّى لهم, بعضهم سيتّخذ مواقف معينة فقط من أجل لفت الانتباه, أو تأكيد ذاته الفارغة, سيحادثونك كثيراً, وستبتسم, وستكون الكلمات الختامية معاكسة تماماً لما خاطبك به حين لاحظك على الطرف الأخر من الطاولة, فقط طالما هناك مكان لرمي بعض الكلمات.
أصوات بلا جدوى, يشابه في أذني صوت أحد أقراننا من الحيوانات الأخرى, بالتأكيد هي أصوات تلك التي يصدرونها, لكنها لا تختلف كثيراً عن صوت عراك القطط في الخرابة المقابلة للقهوة التي قد نكون جالسين فيها, بعضهم سيطلق شعر ذقنه ليعظك ويحدثك عن الآخرة والجنة والحور العين الذين ستتمكن من فعل ما تشاء معهم بلا ملامة, سيجري ريقه حين يحدثك عن هذا النعيم وكأنها أقصى أحلامه القاصرة, سيتطاير هذا الريق عليك فيما بعد على شكل رذاذ حين تبتسم له وانت تفتح احدى كانات بيرة هاينكين, سيعظك, سيعظك ويهددك بسم الله, قد يتركك غاضباً, وحينها ستنعم ببعض الهدوء, لكن حينها سيأتي الآخرون, بعضهم سيطلق شعر رأسه, سيحدّثك عن الحياة وكيف أننا نعيش في بلد بنت وسخة, وسيبصق على الأرض مرتين قبل أن يُدخل مبسم الشيشة في فمه كقطعة اكسسوار جديدة تضاف إلى المهرجان الذي أحاط به نفسه, نفس أو نفسين لينهال عليك بعدها سيل من الأسماء والاصطلاحات, سيحادثك بلغة غرائبية وابتذال مطلق, ستبتسم له أيضاً, أو ربما تبادله بعض الحديث اذا سمح, وسيغادر, حينها ستجلس وحيداً بلا أدنى رغبة في فعل أي شيء.
يتقاتل العلوق وقدر آخر أقل علوقيه الآن, وأُناس تهتم, مات من مات وفقد آخرون أعينهم, يتوسط كل هؤلاء الزياط والهرولة, تحوّلت لحرب حقيقية, العلوق يحاصرونهم في كل مكان, وهناك آخرون, لا يهتمون, وآخرون ينتقمون فقط, هؤلاء لا يفكّرون في نتيجة, سيستغرقون أقل من ثانيتين للتفكير في الأمر, كما أفعل أنا حين يتوجّب علي التعامل مع العلوق, هم موجودون, وعليك التصرّف, عليك التعامل معهم, كنت أبتسم بلا مبالاة وأصمت إلى أن ينتهوا من خرائهم, لكن الأمور تغيّرت, أصبحت حرب, وهناك من يموت, لسبب ما, لسبب يستهويك, تنتابني الرغبة في فعل أي شيء, هذه المرة فقط, لا لهدف ما, حتى الدوافع هنا لا أهمية لها, فقد أخبرتك أني اكره الألفاظ المقدسة, ومعها الأهداف السامية, لا أصنّف الأمور بخيرها وشرها, لكن هذه المرة أستطيع أن أرى العلوق يتصرفون, ولا جديد في الأمر, إلا انها, كما أخبرتكم, أصبحت حرب, ربما كانت حرباً منذ بدأ الخليقة, لكني لم أهتم, اختلفت الأمور الآن لسبب أو لآخر, لا تتسامح, لا تبتسم, لا تهتم أيضاً لكن تصرّف, إذا تفاديت الجميع ستجد نفسك في ممر ضيّق, سيزداد ضيقا طالماً تكوّمت وابتسمت, إذا قررت إكمال السير هكذا فستنحشر عاجلاً أن آجلاً, قد لا يُجدي مد الأذرع, فالعلوق كثيرون ولهم الغلبة كما يحكي لنا التاريخ, أتدري؟ لا يهم أيّا من هذا, كل ما يهم أني أريد أن أُكمل لبعض الوقت, من المؤكد أن هناك ما يستحق الإكمال, ولكن لا مانع من بعض الانتقام, فهناك العلوق, هم موجودون, وعليك التصرّف.

الاثنين، 17 أكتوبر 2011

مفقود في الاعتياد [1]


تخيّل الآن أنك في غرفة صغيرة بها كل ما تحتاجه للمبيت, جالساً على كرسيك البلاستيكي وبيدك احدى الألعاب التي اقتنيتها عندما كنت صغيراً, فلتكن دمية أو كرة كفر أو... أياً كانت, شيء يجعلك تتذكر تلك الأيام, شيء يجعلك تغمض عيناك لثوان لتهز رأسك بشدة بعدها وتصفع جبهتك, الآن تخيّل معي ان أحداً ما متربعاً على السرير الذي أمامك, أياً كان هذا الشخص, فلتكن أول حبيبـ/ـة, أو أول صورة/بوستر استمنيت عليه, المهم أن يجعلك وجه هذا الشخص تشعر بالبرودة ليرتعش جلدك في ذات الوقت الذي ستحمر فيه وجنتاك لتتوقف عن التنفس للحظات, الآن يجب أن تدرك أن اللعبة التي بيدك لم تجعلك صغيراً مرة أخرى, وأن الشخص المتربع أمامك في الأرجح ليس على الحالة التي تراهـ/ـا بها الآن, في احدى أطراف الغرفة وعلى مكتبك الخشبي الصغير يوجد جهاز التسجيل الذي اعتدت سماعه حين كنت في المدرسة, أيضاً سترى بعض مجلات الكوميكس التي اعتدت أن تقرأها حينها, ستشغّل التسجيل وتضع شريط أغنياتك المفضلة, أيضاً بجوار المكتب وعلى كومودينو صغير يوجد تلفاز يعرض سلسلتك المفضلة, في يدك الأخرى الآن احدى الفواكه التي أحببتها بهوس, يجب أن أنبهك الآن أنك تحدّث الشخص المتربع على سريرك, لقد تحدثتم كثيراً, لكنك لم تكن تستمع, الآن استمع...

الثلاثاء، 4 أكتوبر 2011

الزائر ‘ع‘ [#5]


(5)
الأُلفة


رأيت في طريقي إليك اليوم قطة, كانت جالسه على احدى الكراسي الملقاة على طرف الطريق, كان بجوارها ظل كبير حي يتحرك بتثاقل, ربما كان رجلاً عجوزاً, لست متأكداً, كانت جالسه بارتخاء تلعق ظهرها, لاحظتها لثواني قبل أن أمضي في طريقي إليك, بالتأكيد تعرف الأسطورة الشعبية حول القطط, أعني أن القط بسبع أرواح, وفي أقوال أخرى تسع, لا يهم العدد, فحياة القط لا تتعدى السبعة عشر عاماً, لكن أظن أن هذا القط لا يكترث بك, لديه أرواح كافية ليشعر بالملل منك, لو كنت قطاً لما اضطررت للتفكير في سعيد الآن, ذلك العجوز الشريد, أرسلته بيدي لدار المسنين وتكفّلت بنفقاته, أتدري؟ لا أشعر بأي رضاً عن نفسي الآن حين تخبرني بمصيره, ربما كان هو الظل المتحرك بجوار القطة, لم ألحظه, لن ألحظه بعد الآن بفضلك, لماذا اتيتني الآن؟ لازلت صغيراً كما ترى, لست كسعيد, سعيد كان كبيراً, عاش ورأى الكثير, أو هذا ما رأيته في تجاعيد وجهه, كنت أرغب في السفر حول العالم, أريد أن أجرب كل شيء, حياتنا قصيرة كما تعلم, لكن من الظلم أن تأتي الآن, لم أرتكب أي جريمة, أتدري؟ أنا أحقد عليك, فأنت لا تحتاج أي مبررات, وجودك نفسه لا مبرر له, كأي شيء في هذه الدنيا, نعم, لكنك لا تسمعني الآن حتى, يا ترى كيف كان سعيد حين قابلته؟ هل حكى لك قصته مع تحية وفريد أيضاً؟ كيف انه قابلها بالصدفة في احدى بارات القاهرة عام 36؟ لم أصدقه طبعاً, لا أظن انه كبير لهذه الدرجة, جدي أصغر منه, كنت أظن دائماً ان جدي أكبر الأحياء, لكن ما الذي أعرفه أنا عن الأحياء؟ لقد أثبتت لي اليوم أني كنت مخطئاً طوال الاثنين وعشرين سنة التي قضيتهم هنا, لا أمتلك قصصاً لأحكيها لك كما فعل سعيد, ربما كان يشعر سعيد بالسعادة وهو يحكي لكن عن تحية وفريد, ربما كان يختلق كل هذه القصص, فتحية هي بائعة الخضار في الشارع المقابل, وفريد فرّان في فرن المنطقة, لكنه يمتلك خيالاً واسعاً على الأقل, ليتخيل كل هذه الأحداث, أتدري؟ لقد صدقته, كانت عيناه صادقتان, كان جسمه يهتز كلما أخبرني عن تحية, كان يبتسم بهدوء حين يحدثني عن فريد, كان يخبرني أن أي شخص دونه مخطئ, كنت وحيداً, كان وحيداً حين قابلته أيضاً, أتدري؟ لقد حلمت كثيراً اني جثة متعفنة وسط الصحراء, وأن النسور تنتشل عيناي, لهذا لست حزيناً لوجودك معي الآن, كل ما اريده هو فرصة لأعيش حياة أفضل, هل ستخبرني ماذا سيحدث بعد أن تتركني؟ لست واثقاً, لهذا أنا خائف, دائماً أخاف مما لا أعرفه, أخبروني أن هذا شيء طبيعي, لكني كنت جباناً ايضاً, لهذا أحقد على القطط, فلديهم أرواح احتياطية, يمكنهم تجربة ما يشاؤون, إلى أن تتبقى روح واحدة, حينها سيجلسون كالقط الذي رأيته باكراً, ليلعقوا ظهورهم في انتظارك على الطريق, أظن أن لديهم الكثير ليحكوه لك أيضاً, لكني كنت خائفاً, لم يخبرني أحد أني أستطيع فعل كل هذه الأشياء, كنت أظن أنها موجودة فقط في الكتب والأفلام, لهذا ليس لدي الكثير لأحكيه لك مثل سعيد, لكن ربما سأخبرك بقصة متأكد أنك تعرفها, عن اثنين من مغنيي المفضلين, بادي هولي و ريتشي فالينز.

الأربعاء، 28 سبتمبر 2011

الصغير القابع في رأسي

حكي والله أعلم أنه فيما يعيه الكون من عوالم موازيه وأزمان لا علم لنا بها مملكة تغرق في أمواج من النعيم, مسجور بحرها بالحكم, مملوء برها بالصهللة والانبساط, حيث لا يوجد ملوك أو بنوك... همممم, انتظر, أعتقد انه من الأفضل أن أتحدث بطبيعية, كنت أظن ان استخدام أسلوب عفا عليه الزمن قد يضفي بعضاً من الحميمية, كون ما سأكتبه الآن مجرد أفكار شخصية جداً, لكن يبدو انها لاتنفع في هذه الحالات, لأني جاد جداً في كل ما سأكتبه الآن والذي قد يبدو هلوسة للوهلة الأولى, هذه المرة أدعوكم إلى المملكة الصقرية, هي المملكة المثالية, لي, هو الكون البديل الذي شارك جزء كبير من أحلامي الواعية (Lucid Dreams) في تكوينه, هي هواية اكتسبتها دون قصد في طفولتي, كنت أحب دائماً إختراع بدائل, بديل للتلفاز (في هذه الحالة قطعة كرتون صغيرة مفرغه أدخلها لأتقمص فيها دور المذيع أو بطل مسلسل كرتوني أو غيره مما قد أشاهده على التلفاز), بديل للمجلات المصورة التي كنت أقرأها منذ السابعة (مجلة كريم, كانت مجلة نقوم بكتابتها واعدادها أنا وأخي وابن خالتي -قد أتحدث عنها في تدوينه مستقبلية-), وألعاب بديلة أيضاً, في الحقيقة اعتدت أن أملأ حياتي بالبدائل.

السبت، 24 سبتمبر 2011

الزائر ‘ع‘ [#4]

<-- (3) السمكة الصفراء

(4)
أسرار


كم كنت ساذجاً وقتها, كنت أعطي التوجيهات لعماد بالرغم من كوني تائهاً اصلاً, لا أريد أن أبدو اقل "نصاحة" و"فهلوة" منه, أظن أن الشعور الضمني بالمنافسة بيننا بدأ في هذه السيارة, كنت أحدّثه بهدوء مصطنع محاولاً تفادي النظر في عيني المرأة الجالسة بجواري, طبعاً فأنا مشغول بتوجيه عماد, أو بالأصح, أصطنع انشغالي بتوجيه عماد, كما اصطنعت انشغالي عن أشياء كثيرة في حياتي, العجيب أني لم أكن أندم على تصرفاتي هذه, كنت أجد المبررات بسهولة, حالتي كانت تدعو للحزن والندم, لكني تتبعتها, لم أكن أدري ما أفعل حينها, تعلّمت حينها أن الأشياء المثيرة تقبع في الجانب الغير مخطط له من الحياة, لو أدركت ذلك لما أتيت للقاهرة من البداية, كنت سأخرج على قدمي تجاه أكثر الجوانب سكوناً من مدينتي, لما شغلني طموحي بالعمل والدراسة في القاهرة, لكني أتيت, سأدرك كم كنت مغفّلاً فيما بعد, لكن عماد في الكرسي الأمامي في السيارة, أعتقد أنه لم يكن بحاجة ليفكر في الأمر ليدركه, كنت أحسده على عفويته, لا يسمح لعقله أن يتدخّل ابدا في رغباته, لا يسمح لعقله أن يتدخل في أي شيء في حياته, قد يحتاج عقله في حساب إيراد دكانه الصغير المطل على بيت أم سعيد, لكن لم يحتاجه أبداً في تقرير إن كان سيأتي لمحادثتي حين يجدني متسمراً امام بيتها, أو في تقديمي لأصحاب البيت, أو في سواقة السيارة التي نركب فيها حالياً, لا أعتقد انه يفكر في أي شيء حالياً, لم أكن أصدق أن أمثال عماد يبتسمون حين يفكّرون, أرى ابتسامة هادئة كبيرة على وجه عماد الآن, لهذا لا أعتقد انه يفكر, لم أكن أفكر أنا أيضاُ في أي شئ, كنت خائفاً, كنت مروّعاً, من هؤلاء؟ لقد قابلت عماد لتوي, لقد قابلت سمية لتوي أيضاً, ماذا حدث؟ كيف أصبحت بجوارهم الآن نتبادل الابتسامات؟ لم أشرب غير كأس واحد, لم أشعر بأي تثاقل أو ارتخاء, لم أكن سكراناً بالتأكيد, لكنّي تتبعتها, هذا حدث من دون تفكير أيضاً, لهذا أنا معهم الآن, ربما لو لم أفكر أيضاً حين ناداني عماد لكنت هربت, لكني لم أهرب, فقد كنت أعتبر نفسي عضواً صالحاً في المجتمع, وأمثالنا لا يهربون, هذا ما أخبروني به على الأقل, لكني سأكتشف أيضاً أن الأعضاء الصالحة في المجتمع هم أول الهاربين, سأكتشف أشياء كثيرة أيضاً بعد هذه الليلة, أو هذا النهار, لا تهم التفاصيل كثيراً, فعماد أصلاً ليس عماد, ولا سامية سامية, لا أدري أيهما حقيقي وأيهما من صنع خيالي, لكن بالتأكيد سامية تلك غير سامية هذه, بالتأكيد سعيد ذلك غير سعيد هذا, لا تهم الأسامي, لا أدري لماذا أتذكر سامية وعماد بهذا الشكل, أنا في حالة غريبة الآن, أعي جيداً أني أهلوّس, من حولي أخبروني بذلك, لم أعد أهتم, لكن هذه الذكريات, أتذكر هذه اللحظات, لازلت أشعر بمداعبة الهواء لوجهي وأنا في السيارة مع سامية, أصبحت أسمع هفيف الهواء أيضاً, لا أظن أني كنت ألاحظه حينها, لكنه بقى في ذاكرتي مع الأشياء لحين أتمكن من سماعه, الأصوات دون كل الأشياء لا يمكن إعادة اختلاقها, محاولة وصفها نوع من العبث, لكنها تبقى في ذاكرتك دون أن تدري, إلى أن تسمعها مرة أخرى, كالسكين ستخترق آذانك ككيس رمل, ستنثر حياتك كحبات الرمال أيضاً, ستنقلك إلى اللحظة التي سمعت فيها هذا الصوت لأول مرة, لن يكون الصوت حدثاً مهما في ذاكرتك, لكنه سيكون المفتاح الضائع للجانب المظلم من ذاكرتك, هذه حالتي الآن.

الثلاثاء، 20 سبتمبر 2011

الزائر ‘ع‘ [#3]

<-- (2) أم عبده
(3)
السمكة الصفراء


الساعة الرابعة صباحاً, وأنا بخير الآن, في غرفتي الخاصة بدار المُسنين, غادَرَت سامية الغرفة منذ قليل, تركتني لأستمع لصرير الفجر, ذلك المزيج بين عرير الصراصير ونقيق الضفادع وما شابه من كائنات, هناك أصوات لبعض العصافير أيضاً, كنت قد ظننت أني اعتدت على سماع هذا الضجيج حتى أصبح جزءاً من تركيبة أذني, ألحظ اختفاءه ولا ألحظ وجوده, كنت هكذا حتى فترة قريبة, حتى أتيت إلى هذا المكان, حينها أصبحت أسمعه بنقاء, حينها أكتشفت ان هذه الأصوات كانت جزءا من حياتي طوال كل هذه السنين, أصبحت أحلم بهذه الأصوات مؤخراً, أسأل اصدقائي إن كانوا يسمعوها هم أيضاً, كنت أعتقد انهم مثلي, لكن يبدو أني عشت حياة أكثر إثارة, استنتجت هذا لأني أفتقدها, أجدهم مرتاحين, في حالة من الهدوء, كنت أظن انها اصطناع, كنت أنتظر انهيارهم, لم أسمع أحدهم يهلوس أبداً, أصبحوا يتندرون على حديثي معك, لم أرى أحداً فيهم يبكي أبداً, لم أري أحد فيهم ينظر إلى بصدق, كانوا بلا أرواح, لقد أخبرتك ياصديقي, أنا بلا روح أيضاً, لكنّي أنتظرها, هم لا يكترثون, كأن كل هذه السنين لم تمر, لماذا جعلتني أتذكّر؟ ربما هم لا يتذكرون, ربما لهذا السبب هم سعداء, أنت تعلم جيداً أني أخرّف, لماذا أتذكر فقط الأشياء السعيدة في حياتي؟ هذا يجعلني أحزن الآن, أعلم, راودني هذا الشعور طوال عمري, حين كنت شاباً تمنيت أن أعود طفلاً أيضاً, حين كنت أباً تمنيت أن أعود شاباً أيضاً, لكني كنت سعيد, لماذا تغيّر كل هذا؟ أنت تعلم أني لم أعرف عماد إلا عندما جئت إلى هنا, لم أعرف هذه السمكة الصفراء النائمة في ركن الغرفة إلا مؤخرا أيضاً, أحضرتها سامية لتزيل عني شعور الوحدة, هل سمعت عن الأسطورة الشعبية التي تقول أن السمكة ذاكرته قصيرة؟ لقد بدأت أصدقها, أرى نفس التعبير وحركة العيون على السمكة كل صباح, تقوم بنفس الحركات في نفس الظروف, أعتقد انها لا تتذكر حتى انها في قفص زجاجي الآن, لا تتذكر انها وقعت في شباك صياد ما, لا تتذكر انها كانت في البحر يوما ما مع رفاقها, أو ربما انها تربّت أصلا في احدى مزارع الأسماك, كل هذه الأشياء لا تهمها, كل هذه الأشياء لا تتذكرها, لكني أتذكر, لماذا جعلتني أتذكر؟ لماذا جعلتني حزين؟ لقد أخبرتك من قبل أني سعيد بوجودك, حسناً, لقد كذبت, أعني... كنت صادقاً حينها لكني كنت أهلوّس, لم يذهب عماد معي إلى الحفلة تلك, كان أحداً آخر, لا أتذكر اسمه, اتذكر ما فعله, لكن عماد موجود, عماد يذكّرني به, لماذا يذكّرني عماد به؟ هل أذكره أنا بشخص آخر؟ هذا ليس عدلاً, لماذا أتذكر سامية أيضاً؟ عرفتها هنا؟ لم تكن مومس, ممكن, كان من الممكن أن تكون مومساً في ظروف اخرى, لكن لماذا أتذكرها؟ أنا لم أعرفها حتى الآن, كيف أتذكرها عارية على سريري وأنا عجوز؟ كنت أظن ان هذا الشغف بالأجساد العارية سينتهي يوماً ما, أنا في آخر عمري, لماذا أحتفظ بهذه العادة؟ لقد شغلت بالي, كنت أتمنى بعض السكون, سأتوقف عن السؤال, يوماً ما ستأخذني معك إلى ذلك المكان الذي تذهب إليه كل يوم حين أنام, انت تتركني حين انام, أليس كذلك؟ لماذا قد تبقى؟

الأحد، 18 سبتمبر 2011

الزائر ‘ع‘ [#2]



(2)
أم عبده


رأيت في طريقي إليك اليوم رجلاً عجوزاً, كان جالساً على احدى الكراسي الملقاة على طرف الطريق, كان بجواره شئ حي يتحرك, ربما كانت قطة, لست متأكداً, كان جالساً كجلستنا نحن الآن, عينان تائتهتان تلتقيان بالفراغ, وفم مغلق باحكام, بالتأكيد هو غائب, كما نحن الآن, هل تدري أني سعيد الآن؟ سعيد لأني لست بحاجة لتحريك شفاهي للتحدث معك, سعيد لأني أعلم انك تفكر فيما أفكر فيه الآن, أحرك يدي فتحرك يدك, أقوم لأتمشّى فتقوم معي, تغادرني في بعض الأحيان, تعارضني وأنت متفق معي, هل أخبرتك أني سعيد بوجودك؟! انت تعلم اني لا احب وجود الأشياء, لكن معك الأمر يختلف, وجودك ينفي وجودي, احدانا موجود, كلانا معدوم, لم أرى العجوز إلا للحظات وأنا في الحافلة, أعتقد انه كان يفكر في الموت, انتظر لا تتكلم, ادرك انك ستخبرني أنه يفكر في حياته السابقة, ربما في فترة طفولته وأشباح أصدقاءه في المدرسة, بالتأكيد لا يتذكر أسماءهم أو وجوههم, فقط يتذكر أنها قضي معهم أياماً أفضل, بالتأكيد لا يتذكر تعرّضه الدائم للتنمر, أو توبيخ ابوه المتواصل له, أو ربما يفكر في فترة شبابه, بالتأكيد يتذكر صديقه عماد, والسهرات التي قضاها في شقته المستأجرة تلك على احدى أسطح مباني وسط البلد, ربما يحاول تذكر من قبلوا الصعود معه إلى عشّته تلك في الدور التاسع, بالتأكيد لا ينسي رحلته تلك للصعود مع صديقاته لرؤية السماء, كان يعتبرهن كلّهن صديقاته, لا أعتقد انه يتذكر حتى وجوههن, ربما لهذا السبب لا تطول رفقته, فهو ينسى الوجوه والأسماء, تبقى في ذاكرته أشباح أفعال ومشاعر ربما, هذا كل ما في الأمر, هذا كل ما تبقى له من حياته, لكنه يتذكر احداهن بوضوح, سامية, رفضت أن تأخذ منه مالاً, لم تكن رفيقته لكنها رفضت المال, ابتسمت له حينها وأخبرتها انهم متعادلان الآن, كان طيباً, ربما كان يسترجع ذكرياته مع عماد في حفلة مغنيهم المفضل, كيف ان سحبه عماد من أمام عربة المغني سريعاً قبل أن تدهسه, سيتذكر بعدها ان عماد مات في الحرب, أخبروه أنه مات دون أن يحارب, مات في نومه, لا أدري لماذا ابتسمت حين اخبروني, انتظر, أقصد هو لا يدري لماذا ابتسم حين أخبروه, كان مقتنعاً أن عماد لا يمكن أن يقتل, لم يكن هذا بدافع الطيبة واحترام حياة الآخرين, كان بلا سبب, كوجوده في الدنيا تماماً, كلاهما بلا سبب, لم يرغب في إيجاد أسبابه الخاصة, كانت حياته تبدأ من جديد كل صباح, كنت مثله, أأ.. أقصد كان العجوز مثله, كان هكذا حتى رفدته الجامعة, وأصبح شريداً, كان جائعاً بالتأكيد لكنه لم يمد يده أبداً, ليس تعففاً منه, لكنه لا يرغب في أن يشغل الناس بحياته, لا داعي لهم لمساعدته ولا حاجة له بمساعدة نفسه هو أيضاً, لو كان مد يده غلى نفسه لنظرت له بجمود وأكملت سيرها, لكنه تغيّر, تغيّر دون أن يدري, خدعته الحياة والناس وأصبح يفكر في أصدقاءه وحياته السابقة, أصبح يجلس على الكراسي الملقاه على أطراف الشوارع, لأراه أنا وأنا في طريقي إليك.

الجمعة، 16 سبتمبر 2011

الزائر ‘ع‘ [#1]

(1)
صديقي المختبئ


"المجد لأوناس، ها انت، لم تذهب، كميّت، لكن أتيت، حي"
-ترنيمة على جدران هرم أوناس

أُحب أن انظر للأشياء دائماً بشئ من التفاؤل والإقبال، لهذا عندما أفكر في الموت أراه مجرد رتابة من رتابات الحياة، أراه فرصة محتملة لتفسير حالتي الآن وربما في معظم الأوقات، لحظة السكون تلك التي أجلس فيها، بصمت، مبتسماً ببلاهة، فارغ الذهن، في محاولة لمحاكاة العدم، هي لحظات متواترة، أرغب فيها في التكوّم في صندوق صغير مُغلق، مفتاحه في قلب الشمس، تمر تلك اللحظات بسلام وأعود مرة أخرى إلى صخب الحياة، أعي أن مسالمتي هذه تثير سخرية البعض، لا بأس، أستطيع أن أتفهم الأسباب، أتفهم تماماً أن الوجود ممل، أتفهم تماماً ما قد يجلبه التفاعل مع الأشياء من متاعب وآلام، أتفهم تماما أن قيمة أي شئ هي وهم مصطنع، الدنيا ممتلئة بالأمور التي تحاول إلهائك عن ادراك الحقيقة، حقيقة أنه لا معنى لأي شئ، لا توجد حاجة لأن يكون هناك معنى لأي شئ، المعاني ملحقات مصطنعة وألفاظ بلا سَنَد، لا توجد حتى طريقة للتأكد من ان ادراكنا واحد، الألوان مثلاً، ماذا لو أن ما أراه أحمراً في عيني تراه أنت أزرقاً في عينك؟ هذه المعاني تخصني الآن، أزرقك أحمري، وكلانا نطلق عليه أحمر، ماذا لو كان الأزرق الذي أراه أنا في عينك تراه أحمراً؟ هذه المعاني تخصك الآن، أحمرك أزرقي، وكلانا نطلق عليه أزرق، وكلاهما معناه افتراضي، ماذا لو أن كائناً فضائياً يري في اللون الواحد ألواناً عديدة لا ندركها نحن؟ لا معنى حقيقي لإدراكنا، هي وسلية لتوكيد الذات بكل خصوصيات معانيه ونِسَبه، وهي حالة من العبث مثلها كالموت تماماً، نعود اذا إلى الموت، كما أخبرتك سابقاً، لا أري في الموت غير شئ آخر من الأشياء عديمة المعنى في هذه الحياة، من المفترض أن دورنا في الحياة طبعاً هو إضافة معاني لهذه الأشياء كنوع من توكيد وإدراك الذات، بعضهم قد يستهسل إجابات جاهزة مُسبقة، بعضهم قد يقضي عمره كله في محاولة للوصول لأسطورة الكمال وإدراك المعاني الحقيقية للأشياء، والبعض الآخر لا يشغل باله، فالحياة ممتلئة بالأشياء، وهذا مايهم، هؤلاء يرون أنه لا جدوي من البحث عن معنى أو سبب، بعضهم يعيش حياته متشائماً كنوع من الشعور بخيبة الأمل، كأن جزءاً ما في عقلهم الباطن يتمنى أن يجد تفسيراً لكل هذا، في حين أني أتفهم تماماً تشاؤم هؤلاء وانعزالهم، إلا أني لا أستطيع انكار شعوري بالشفقة تجاههم، طبعاً لا يعنيهم شعوري هذا، فهو أيضاً بلا معنى حقيقي، هو مجرد شعور صنعه خيالي ليزيد من ثقتي وإداركي لذاتي ربما، قد أكون مخطئاً، لكن الحياة مليئة بالأشياء كما ذكرت.

الخميس، 25 أغسطس 2011

الغرفة 79

أنا الآن في فندق "اكستادي الجديد", في الغرفة 79 بالدور الثالث, غرفة صغيرة وظريفة, بين أصابعي سيجارة كليوباترا جولدن كينج كُتب على عُلبتها "احترس من التدخين يدمر الصحة ويسبب الوفاة", توجد نافذة كبيرة جداً تكاد تقارب في طولها طول الغرفة نفسها, وعرضها هو عرض الغرفة, وأنا حالياً جالس على كرسي الغرفة الوحيد أشاهد المبنى المقابل بكل نوافذه المغلقة الرتيبة, تتكرر أشكالها على نمط واحد بطول المبنى وعرضه أيضاً... انتظر, هناك تميّز طفيف, يوجد تحت بعض النوافذ مكيّفات, والبعض الآخر اكتفى بطبق "دش".
لا يهم... فأنا الآن في أحسن حالاتي الذهنية, مستنداً على ظهري وقدماي على حافة الشبّاك, وهواء الصباح يغازل مابين ملابسي الداخلية وجلدي متعدد الألوان, فقد أُصبغت بعض أجزاءه بلون أسمر إلى الأبد, بفعل شمس هذه المدينة أو ربما مدن أخرى, لا يهم... سجارة الصباح مشاغبة لكنها ضرورية لمثل هذا اليوم... عيناي مرهقتان بعض الشئ كوني لم أنم جيداً, في الحقيقة لم أنم أصلاً, كانت ليلة الأمس ليلة طيبة...
المهم, أرى الآن على احدى جدران الغرفة رقماً غير واضح, يبدو انه رقم محمول احد نزلاء الغرفة السابقين, لا أدري ما الذي قد يدفعه لكتابة رقمه في هذا المكان بالذات, ربما يبحث عن اصدقاء, أو ربما كان أحد هؤلاء الحمقى الآملين في ان تلتقط رقمه احدى الفتايات, لا أظن ان نزل بهذه الغرفة انثى من قبل.

الأحد، 7 أغسطس 2011

صديقي ذو الأيادي الأربع

\ابدأ
في احدى يداي الآن موزة, اليد الأخرى مرتكزة بانشغال على احدى قضبان السور الكبير الفاصل بيني وبين صديقي ذي الأيادي الأربع, أصبح صديقي اليوم فقط, لأن لونه يروقني اليوم, صديقي ذو الأيادي الأربع يتغير لون جلده كل فترة, لا أدري ان كان هذا فعلاً لا إرادياً أم هي رغبة منه في السخرية مني, لا يهم فقد أهداني اليوم ابتسامة, هذا جديد, وكل جديد ضيف مرحّب به في هذا المكان, ولهذا أُمسك الموزة في يدي الآن, فأنا عادل وأحفظ الحقوق.

\استراحة في علم الغيب
شاهدت اليوم -من بعيد- جبل خطاياي لأول مرة, كنت في احدى القطارات عابراً, خارجاً من باب الخلق ذاهباً مع الآخرين إلى باب العلوق, لم تسنح لي النافذة أن أراه بوضوح, لكن يبدو أن الجبل يحترق, فقد رأيت آثراً متكسّراً للدخان منطبعاً على زجاج النافذة من فعل الندى, فقد كنا في الصباح, آخر صباح, فمنذ أن عبرت باب العلوق و رقبتي مائلة بتشدد إلى الأرض, لم أجروء حتى الآن على رفع وجهي إلى السماء, فقد أخبروني أن روحاً مهولة تتربع عرش هذه البلاد, يحمل عرشها كائنات اسطورية خارقة الصفاء, نحن هنا فقط لخدمتهم.

\استكمل 
يبدو صديقي ذو الأيادي الأربع سعيداً اليوم, في الحقيقة لا يوجد عندي دليل على سعادته, فقد أخفى عني وجهه منذ زمن, لكنّي أعرف انه سعيد, ربما يعرف هو أني جالساً الآن أمامه, أتفهّم انشغاله عني, فقد مر بأيامٍ عصيبة, لا أريد أن أقاطعه في لحظاته النادرة تلك, سأعود أنا عندما يعود هو إلى حزنه المعتاد, عندها قد يحتاجني فعلاً, عندها سأعود لكرهه مجدداً, لماذا أُمسك بالموزة في يدي أصلاً؟! أنا أعلم أني لن أحتاجها أبداً, في الحقيقة لقد تعفّنت منذ زمن طويل.


\بيان الراحة في علم الغيب
رأيت اليوم احد الزملاء يحاول اختلاس نظرة إلى السماء, أدركت ذلك من الاهتزاز الصامت لرقبته, محاولة يائسة لتحريك عظامها في اتجاه لم تخلق لتذهب إليه, أدركته بسرعة وذكّرته بالروح المهولة وغضبها, لا يجب أن تحاول حتى, ليس هذا دورك, هل تذكر كيف كنّا؟! لقد احترق جبل الخطايا الآن, نحن الآن في أفضل الحالات وأي تغير طفيف سيضيعنا.

\انتهى
رميت الموزة المتعفنة من يدي وانضممت إلى صديقي ذي الأيادي الأربع خلف السور الكبير, أردت أن اشاركه سعادته هذا اليوم, فقد كنت طامعاً في بعض منها, ولكني كلما اقتربت منه أحسست بخمول وآلم متزايد في قدماي, إلى أن وصلت إليه, وأسندت حينها احدى يداي الأربع الجديدة على كتفيه.

الاثنين، 1 أغسطس 2011

[تشريح] تجربة عسكرستان الأولى

قضيت اليومين الفائتين تجربة جديدة علي نوعاً ما, باختصار وبلا مقدمات شاهد هذا التسجيل:
ما كنت احاول فعله هنا هو ببساطة انجاز لعبة في 48 ساعة, كمشاركة في احدى أشهر "مسابقات" مطوري الألعاب المستقلين, أتحدث هنا عن Ludum Dare, أُنشئ عام 2002 كمحاولة من مطوري الألعاب للحفاظ على معدل انتاج ألعاب جيد وسط الأشغال الأخرى, فالشرط الوحيد في مناسبات هذا الحدث هو أن يقتصر العمل على يومي الأجازة الأسبوعية (مع امكانية الامتداد في مسابقات mini-LD) وتسجيلات الفيديو ليست ضرورية طبعاً لكن تساعد على ابقاء روح الالتزام وعامل مساعد على التركيز, ماجعلني اشارك في المسابقة هذه المرة هو اتفاق سمة المناسبة مع فكرة كانت معلقة في ذهني منذ فترة, السمة هذه المرة هي "الجيش", وطبعاً اذا كنت متابعاً لآخر الأحداث في مصر فهناك أكثر من داعي قد يجعلني افكر في صنع لعبة ساخرة عن الجيش وحكم العسكر في مصر وما يحدث الآن في سوريا وليبيا وتونس, على الرغم من اني لم أتمكن من انجاز اللعبة في الوقت المحدد الا ان التجربة ذاتها تستحق التشريح, ربما تكون فرصة أيضاً لتشجيع الزملاء من مطوري الألعاب العرب لتنظيم مناسبات بنفس الاسلوب.

الأربعاء، 27 يوليو 2011

[سجل تطوير الحد] إحياء عالم بديل #1

هذه أولى سجلات التطوير التي سأكتبها بهدف توثيق مراحل تطوير لعبة الحد, ستكون فرصة لمناقشة العديد من المواضيع المتعلقة بتطوير وتصميم الألعاب, لا يُشترط أن تكون مهتما بالألعاب لتقرأ هذه السجلات, سيفاجئك مدى ارتباط المواضيع المطروحه هنا بمجالات أخرى كالكتابة والسينما والعمارة وغيرها من الأمور المعنية بالفن أو الترفيه, ستكون فرصة أيضاً لنقاش مواضيع اللعبة مع المهتمين بها وأيضاً خلق مساحة لإيجاد أفكار جديدة, إذا لم تكن تعرف ما هي لعبة الحد يمكنك الرجوع إلى هذه الصفحة .
سأتحدث اليوم عن بعض القرارات التي اتخذتها في كتابة وتصميم عالم لعبة الحد, سأتحدث أيضاً عن تقنيات الرواية في القصص التفاعلية (Interactive Storytelling) ونقاط تميزها عن أساليب الرواية التقليدية, أيضاً عن ضرورة استغلال المساحات المعمارية في إخبار القصة وإضفاء روح لعالم اللعبة, أو بمعنى أخر سأتحدث عن التقنيات التي أستخدمها لخلق عالم آخر بديل غريب على اللاعب وفي نفس الوقت قادر على جذبه وإغماره في التجربة.

الأحد، 24 يوليو 2011

[رواية مسلسلة] وهكذا سقط! #3


أولاً أعتذر عن التأخير -مضى شهر؟!-, لكن هذا حال الكتابة, في الحقيقة كنت بحاجة لهذه الإجازة, تغيرت خططي, راجعت الكثير من الأفكار التي كنت قد نويت طرحها في الرواية, وجدت أيضاً أن إيقاع الرواية أسرع مما يجب, ولأن الكتابة عاصيه بطبعها فقد قررت اتباع نظام جديد في كتابة هذه السلسلة, سأخصص ساعة كل يوم لها, حتى وان قضيتها متسمراً امام الشاشة, فقد اكتشفت أن أفضل طريقة لانتظار الأفكار هي الجلوس و... هيه انتظارها. 

يمكنك قراءة الأجزاء السابقة هنا: [رواية مسلسلة] وهكذا سقط!

السبت، 16 يوليو 2011

الزنوبة المقلوبة

صادفتني هذه الحكاية الطريفة وأنا أتصفح كتاب "حكاية أبي القاسم البغدادي" لأبي المطهر الأزدي:

كانت زادمهر جارية بارعة الجمال, طيّبة الغناء. رآها يوماً فتى من بغداد فعشقها, وأخذ في استعطافها بالمراسلات والمكاتبات, وهي لا تعرف إلا الدنيا والدينار. وجعل يصف لها في رقاعِة عشقَه, وسهره في الليالي, وتقلّبه على حرّ المقالي, وامتناعه من الطعام والشراب, وما يشاكل هذا من الهذيان الفارغ الذي لا طائل فيه ولا نفع. فلما أعياه أمرها, وبئس من تعطّفها عليه, كتب إليها في رقعة:
وإذ قد منعتني زيارتك, فمُري بالله خيالك أن يطرُقَني ويبرد حرارة قلبي.

فقالت زادمهر لرسولته:
 ويحك, قولي لهذا الرقيع: أنا أعمل ما هو خير لك من أن يطرقك خيالي؛ أَرسل إلىّ دينارين في قرطاس حتى أجيئك أنا بنفسي!


أعجبتني جدا الوجودية الغير مقصودة في هذه الطرفة, فقد أعطى الفتى معناً سامياً -نوعاً ما- لانجذابه للجارية, وحاول التغزل لها كالعذريين, بالبلدي "كان عايش الدور", ولكن الطرف الآخر كانت واقعيته صارمة, إذا أرادها حقاً كل ما يتوجب عليه فعله هو إرسال دينارين في قرطاس, بلا تعقيد ولا مبالغة, خالفني الرأي إذا أردت ولكني أجد في هذه الحكاية القصيرة أفضل مثال لوصف دنيانا هذه, هناك هؤلاء الفتية البغدادين, الغارقين في الاصطناع وإيجاد المعاني الفارغة لدنيا عاهرة لا تكترث لمثل تلك الأشياء, أتحدث هنا عن حالة الهرب من الواقع الموجودة في الجميع بلا استثناء وان تفاوتت الدرجات.

جعلني هذا أتذكر احدى العادات الشعبية في التشاؤم من الأحذية والشباشب المقلوبة, للأسف الدنيا ليست بالعمق او الجلال الذي نتمناه ويظهر في حواديتنا, الحياة اعتيادية ورتيبة, المثير فيها من صنع الخيل, فللأسف لا توجد عفاريت شباشب, لا توجد جنيات ليل, لا توجد حكمة الشيوخ, لا توجد قدسية الأماكن, لا توجد عظمة الحكام, لا توجد التنانين ولا الفرسان الشجعان, لا توجد الحروب المقدسة والجهاد الواجب, لا توجد جنيات الأسنان, لا توجد قواعد وأصول, لا توجد شياطين تهمس لك في آذانك, لا توجد أشباح تختبئ خلف دولابك, لا توجد الأرواح الطاهرة ولا الحكماء المكشوف عنهم الحجاب, لا توجد جماعة سرية تحكم العالم منذ الخليقة, لا توجد مؤامرة عالمية ضدك أو ضد فئتك, كلها أشياء نستمتع بصنعها من الخيال.

في بعض الأحيان يجعلني هذا أتمنى أن أتقمص دور Izo حين أموت.

السبت، 9 يوليو 2011

الثقافة المضادة أو كيف تمشي ليلاً

هذا الصباح خطرت على بالي فكرة شغلتني طيلة اليوم.
 كانت جدِّية كفاية لأن أقضي يومي مستلقياً على ظهري أتابع أجنحة المروحة المعلقة في سقف البيت. قبل أن أخبركم بما خطر ببالي أريد ان احكي حكاية صغيرة أولاً، عن قرد لا يأكل إلا في أوعية، لا يقفز ولا يتسلق إلا حين يُأمر، قرد يقضي معظم يومه مستلقياً على أرضية احدى أقفاص السيرك، موجهاً مؤخرته الحمراء إلى الشمس، قرد لا يعيش في الغابة، قرد للمشاهدة والاستعراض فقط. لا يعرف القرد غير تلك الحياة، لا يجد لها معناً ولا طعم، ولا يشغل هذا باله، فقد عَرف منذ الصغر أن هذا دوره، هذا مايتوجب عليه فعله. لم يتذمر، لم يحاول حتى الهرب، فهو لا يعلم أن خلف هذا القفص قرود أخرى تتسلق الأشجار لا الحبال، لكن هذا كله سيتغير، يوم أن يشاهدهم من قفصه ذاك وهو في رحلته مع السيرك عبر البرية، رأي كائنات لها نفس ملامحه، لكنها تراقبه من الخارج، لا يستطيع الاقتراب منهم اذا أراد ولكنهم يقدرون. عندها تغيّر كل شئ، نمت فكرة توحي بالرغبة في الخروج من القفص في عقلة، الرغبة في تسلق الأشجار... سأتوقف هنا، يمكنك انت اكمال الحكاية إذا أردت، كون الرمزية في الحكاية واضحة بشكل يدعو لاتهامها بالسذاجة، لا لشئ إلا لأنها تردد عبارات كالقفص والحرية وخلافة من الكلمات التي صمّت آذاننا، خصوصاً في الفترة الأخيرة، لكن في الحقيقة ليس هذا هدفي أبداً الآن، الحرية لا تعني بالضرورة وجود سلطة خارجية تستطيع سلبها منك، لا تعني بالضرورة أنك مجبور ومغلوب على أمرك. بالتأكيد هذا جزء كبير من القضية لكن ليس الأهم، ليس المهم في القصة هو القفص الذي يمنع القرد من الخروج إلى الغابة، المهم هو هل يدرك القرد انه يستطيع تسلق الأشجار؟! هل يفهم القرد أن دوره ليس إمتاع الجماهير؟! هل تدرك أنك لست بحاجة للتظاهر -أو الأسوء -التبني الأعمى لأفكار المجتمع لإرضاءه؟! هل تفهم أنه يمكنك أن تعبر بأي شكل كان عن أي شئ كان؟! هل تدرك أن حياتك ملكك وحدك ولا يحق للمجتمع تدميرها بفرض دور مسبق التجهيز، لتصبح ترساً في ماكينه تضخ نفوذاً وثروة في جيبوب الكبار؟! هل تدرك انك لست بحاجة لأن تحب أو تتظاهر بحب بلدك أو حتى والديك؟! هل تفهم انك لست مضطراً للالتحاق بالتعليم الانتظامي لتصبح متعلماً أو مثقفاً؟! هل تدرك أنك لست بحاجة للذهاب إلى صلاة الجمعة أو قداس الأحد إذا لم تكن ترغب في ذلك؟! هل تعلم أنك لست بحاجة لدفع حياتك تأشيرة دخول المجتمع؟! هل تدرك أن هناك قروداً تتسلق الأشجار أمام هذه القضبان؟! كفاناً أسئلة ولننتقل إلى الموضوع الحقيقي لهذه التدوينة...

(تحذير بها محتوى عاري)

السبت، 18 يونيو 2011

[رواية مسلسلة] وهكذا سقط! #2


كنت قد قررت السبت الفائت نشر رواية "وهكذا سقط!" بصورة مسلسلة أسبوعية, كل يوم سبت أنشر قطعتين من الرواية.
يغلب الحوار على هذا الجزء, جعلني هذا أتردد في استخدام الفصحى كلغة الحوار الأساسية, في الحقيقة لازلت متردداً في هذا الأمر, قد أغيره اذا تحولت فصحى الحوار إلى عقبة لي عند الكتابة.

يمكنك قراءة الجزء الأول هنا: [رواية مسلسلة] وهكذا سقط! #1

السبت، 11 يونيو 2011

[رواية مسلسلة] وهكذا سقط! #1


قررت نشر الرواية التي أكتبها بصورة مسلسلة, كل يوم سبت سأنشر قطعتين من الرواية, أملاً في أن يساعدني هذا على الحفاظ على معدل ثابت للكتابة.
"وهكذا سقط" هو العنوان المؤقت للرواية التي أعمل عليها حالياً, الرواية تدور حول ثلاث شخصيات متفاوتة العمر في أزمنة مختلفة, هناك الشاب الذي ركب القطار ليقابل عجوزاً ثرثاراً به جذبة, ليحكي له عن حياة زميله ذاك أيام طفولته, أحاول في هذه الرواية استعراض جوانب إنسانية بحته دون الدخول في تفاصيل بيئة وعالم الرواية.

الخميس، 19 مايو 2011

جمعية مطوري الألعاب العرب


يعانى مطوّري الألعاب العرب من ندرة أو إنعدام الأنشطة الاجتماعية والانعزال الكامل عن زملائهم, المشكلة قد تعود لاختفاء الوسيط المناسب كجمعية أو اتحاد أو حتى أي نوع من التواصل عبر الشبكات الاجتماعية, بالتأكيد شغلني هذا الأمر منذ أن بدأت العمل في هذا المجال, كنت أشعر بنوع من الغيرة تجاه زملائي في المجالات الأخرى, وكانت هناك عدّة محاولات بداية من محاولاتي في ArabGN مع العديد من الأصدقاء عام 2005 (حتى انه فاز في مسابقة Oman Web Awards 2007: http://www.youtube.com/watch?v=NS3owf-0a4E) وحتى الشبكات الموجودة حالياً كـالشبكة العربية لمطوري الألعاب (www.agdn-online.com أعتبرها أفضل الموجود حالياً) لكن كلٌ له عيبه, فوجئت اليوم بمبادرة من زميل عزيز ومصمم ألعاب رائع, أقام هذه الشبكة الاجتماعية البسيطة والتي تكفي للم شملنا ولو لحين, لذا فأدعوكم جميعاً للانضمام لنا هناك ودعوة كل من تعرف ومشاركتنا مالديك.

agda.socialgo.com

تدوينة فوزي مسمار الخاصة بالمبادرة: http://fawzi-games.blogspot.com/2011/05/arab-game-developers-association.html

لو كنت حيّاً

مر بعض الوقت دون أن أخرّف قليلا هنا, هذه التدوينة ستصلح الحال, من الامور التي تشغلني وتثير اهتمامي هو كيفية عمل المجتمعات, كيف انها "مصممة" بشكل ما لامتصاص المختلف وتحوليه لاعتيادي, كلنا جزء من هذا التصميم, لا أتحدث هنا عن الاختلاف "الاعتيادي" كاختلاف الاذواق أو الأراء, ليس هذا الاختلاف الذي أتحدث عنه, لأقرّب الموضوع أكثر سأعود للبداية قليلاً, منذ أن وُلدت وانت محدد بمصادر معينه تلقّمك نظرتها للحياة و"تربّيك" لتعرف "الصح" و "الخطأ", أمور تترسب في العقول ولا تفكر فيها أبداً بعد ذلك لتصبح من المسلّمات, هكذا تعمل المجتمعات, هكذا تعمل الأديان, الحياة أقصر من أن تختبرها كلها بنفسك أكيد ونحن في حاجة لهذا النوع من "مشاركة" التجارب والخبرات, لكن حين تختلط الامور وتكثر المسلمات تصبح الحياة ضبابية ويفقد الفرد فرصته في اكتشاف الحياة على طبيعتها, في بعض الأحيان أتخيل أحدهم في لحظات موته حين يدرك أنه عاش حياته للأسباب لم يفهمها حقاً وأنه ضيعها دون أن يفكر فيها.

الأحد، 15 مايو 2011

Game of Thrones (انطباع)


مسلسل فانتازيا تاريخية تعرضه وتنتجه شبكة HBO ضمن سلسلة مسلسلات الساعة الواحدة, ما أثار اهتمامي في السلسلة هو تحمّس الناس لها كونها مبنية على سلسلة روايات مشهورة (A Song of Ice and Fire) للروائي الأمريكي جورج مارتين, ولأني لم اقرأ السلسلة فقد قررت أن أشاهد أولى حلقات المسلسل ربما يحمسني هذا لقراءة السلسلة وربما متابعة المسلسل, وهذا على ما يبدو سيحدث, عدم خضوع HBO للرقابة الفيدرلية أعطاني بعض الأمل في صدق المسلسل ومدى قربه من النص الأصلي, العنوان (Game of Thrones) مأخوذ من عنوان الكتاب الأول في السلسلة, المسلسل بطولة Sean Bean ومجموعة اخرى من المملثين معظمهم من بريطانيا.

الثلاثاء، 10 مايو 2011

الحد: قدمت كفأر - إعلان تمهيدي


أحسست ببعض الملل ولهذا قررت عمل هذا الاعلان التمهيدي عن الفصل الأول من لعبة الحد, "قدمت كفأر", القصة من ظاهرها تدور حول شاب صغير متشرّد وأعرج اعتاد السرقة من الأسواق, ولكنه قرر يوماً أن يسرق من أحد البيوت الكبيرة في المدينة لأن التجار عرفوه وأصبحوا يطاردونه, ولكن حظّه التعس يوقعه في هذا البيت بالذات, ومن باطنها تدور حول تلازم الخوف من الموت والحياة وفَرَضِيّة السعادة.  :)
وضعت هذه التدوينة هنا لتلقي الاستفسارات والتعليقات من المهتمين.

الأحد، 1 مايو 2011

طقس الكتابة #2

تحويل أمر ما لعادة صعب, فشلت -كالعادة- في ابقاء معدل قصة كل يوم, ولكن هذا لايمنع كون التجربة مفيدة, ساعدتني على اكتشاف أشياء لم أكن أدرك انّي مهتمّا بها من قبل, لم اتخلّى عن التجربة ولكن هذه المرة فلتأتي وقتما تشاء, أيضا وقد عادت خدمة الانترنت إلى البيت مرّة اخرى فأعتقد ان النشر سيكون أكثر تواتراً, نشرت قصّتين على صفحتي على الفيسبوك, هذا بالاضافة إلى قصة اخرى أنشرها لأول مرة هنا.

بيتنا حين كانت تدخله الشمس
تسأل عن سر ابتسامي اليوم؟! آآه فقد نسيت لوهلة ان الابتسام أصبح نادرا في هذه البلدة حتى ان العيون تنظر إليك بحقد اذا ابتسمت, الابتسامة تعني انك تقضي يوماً سعيداً, والأيام السعيدة لم تزر بلدتنا منذ أن جاءت تلك الظلال, حسناً حسناً سأخبرك لماذا أبتسم, قابلت اليوم أحد أصدقاء الطفولة, كنّا جيران, كنّا كالتوأم حتى اننا نتبادل الامهات والبيوت في بعض الأيام, كانت الشمس توقظنا في الصباح لنبدأ يومنا الخالي من الهموم, كنا نتسلّق شجرة التوت القريبة من البيت, في أي وقت من السنة لم تكن تطردنا أبداً, لا أذكر كيف ان هذه الأيام انتهت, لا أذكر كيف أصبحت على هذه الحال الآن واقفاً إليك افسّر لك سبب ابتسامي, كل ما أذكره ان الشمس توقفت في يوم من الأيام عن إيقاظنا, لقد جاءت الظلال, بنى أحدهم برجاً عملاقاً أمامنا, ماتت شجرة التوت طبعاً, ذهب صديقي في رحلة طويلة, قال انه قرأ عن بلاد لا تغرب فيها الشمس, أراد أن يذهب للبحث عنها, لم اسمع عنه منذ حينها, أصبحت أنا أعمل عند صاحب هذا البرج, في الحقيقة كانت أهالي البلدة كلها تعمل عند صاحب البرج, واجبنا الآن هو الحفاظ على البرج وتنظيف زجاجه لينصع في وجه الشمس, اليوم أخبرني صديقي انه وجد تلك البلاد التي قرأ عنها, أين وجدها في اعتقادك؟! هذا هو سر ابتسامي.

الجمعة، 8 أبريل 2011

طقس الكتابة


بدأت منذ يومين تجربة جديدة علي نوعاً ما, وهي كتابة قصة قصيرة كل يوم, بشرط أن تكون في حدود الثلاثمائة كلمة, واتتني الفكرة حين اقترحت على أحد أصدقائي والذي كان يمارس هذه التجربة محاولة منه لتحسين قدراته الأدبية كونه طالب في كلية أدبية وكونها محور اهتمامه ودراسته, اقترحت عليه أن ينشئ مدونة يضع فيها كتاباته اليومية ليتيح لي ولغيري قراءتها وتقييمها, وبالفعل أنشأ المدونة, ليخبرني بعدها أن المدونة ساعدته على التحمّس أكثر للكتابة والنشر, (أتحدث هنا عن صديقي ديفيد, وهذه مدونته storyz.tumblr.com), بالتأكيد التجربة مثيرة للفضول, فعندي أيضاً مدونة, لما لا أجرّب الفكرة أنا أيضاً, ولأني مضرب –نوعاً ما- عن الانترنت فسأقوم بنشر ما أكتبه على دفعات حين تتاح لي الفرصة, سأضع تعليق قصير على كل قصة لأوضّح بعض الأمور فلازلت مبتدئاً وكتاباتي قد لا تصيب الهدف لذا نقدكم وشتائمكم مرحّب بها هنا. 

الخميس، 24 مارس 2011

المشترك بين اللعبة والدين


كان موضوع تحدي تصميم الألعاب لهذا العام مثيرا للاهتمام ومختلفاً أيضاً عن الأعوام السابقة, عنوان التحدي "Bigger Than Jesus", أي "أعظم من المسيح", تلك المقولة المشهورة لـ John Lennon أحد أعضاء الـ Beatles والتي أثارت ضجة في الستينات وأثارت استياء بعض المتدينين أيضاً, اذا سمة التحدي هذه السنة كانت "الأديان", العلاقة بين الألعاب والأديان ليست بالمنقطعة جدا كما يبدو للوهلة الأولى, في الحقيقة إذا مافكّرت في الأمر ستجد المشترك بينهم كثير, الاثنان من اقدم مظاهر التفاعل الاجتماعي للبشر, الاثنان يعتمدان بشكل ما على بعض التكريس والاهتمام بالقواعد والحث على الالتزام بها, الاثنان يكافئانك "ولو نظرياً" على التزامك بالقواعد -الجنة مثلا في حالة الدين أو نقاط جديدة في حالة اللعبة-, في الحقيقة جاء موضوع هذا التحدي على هواي, فمنذ فترة وأنا أحاول أن "أنكش" العلاقة بين الاثنين خصوصا في جانب الزمن وميثلوجيا القدر في لعبة "الحد", لكن التحدي هذه المرة يريد أن تجعل من اللعبة نفسها دينا أو نشاطا اجتماعياً مشابها للدين ولا يشترط أن يكون محتوى اللعبة نفسه له علاقة بالأديان الموجودة أو ماشابه, كان المشاركين في هذا التحدي ثلاثة من أشهر مصممي الألعاب عرفتهم الصناعة وهم:

الثلاثاء، 22 مارس 2011

إيروكا - مذر مذر (مراجعة)


لست معتادا على الحديث عن الموسيقى هنا, بالرغم من انّها ترافقني طوال اليوم والسمّاعات ملتصقة في أذني حتى اتفّق أصدقائي على انها طرفي الخامس, لذا فمن المنطقي ان يأتي اليوم الذي يظهر فيه هذا الشغف على المدونة, ولن أجد فرقّة افضل من Mother Mother وفرصة صدور ألبومهم الجديد الاسبوع الفائت.
Mother Mother ربما هو أفضل شئ حدث لفرق الروك المستقّلة منذ ظهور Modest Mouse أو قد أكفّر بالهيبسترز أحيانا اذا قلت انّي أفضّلهم على Modest Mouse, لا يجوز المقارنة المباشرة بين الفرقتين طبعا فكلّ له اتجاهه وطابعه المميز, هذا مايميز الفرقة عن غيّرها طبعا, تلك البصمة الخاصة بهم في كل أغنية تقع أيديهم عليها, تلك الميزة التي تفتقرها العديد من الفرق الناشئة حديثا والتي غلّب عليها التقليد عديم الطعم والرائحة.
Mother Mother فريق كندي من فانكوفر يتكون من خمسة أعضاء يقودهم ريان جولدموند بنغماته المتمردة وترافقه أخته مولي ذات الصوت الحاد وجيرمي بايج الباسيست (قد يكون أخ Flea المفقود, يمتلك مهارات مجنونة مثلّه), وضابط الإيقاع علي سادات (درمر لاغبار عليه) وأخيرا الفوكاليست ياسمين باركين والتي استبدلت دبرا جين منذ عامين تقريبا. 

السبت، 19 مارس 2011

نقطة.

لم أكن أعلم أن غرس سكين المطبخ في عضمة الوجه يمكن أن يكون بهذه السلاسة والسهولة.
أثبتت الأيام أن التدوين يساعدني على البقاء منظماً وأكثر "انتاجية", ولهذا أحتاج للتدوين بشكل متكرر في هذه الفترة, فلم تكن الفترة السابقة افضل فترات حياتي -لا جديد الحقيقة اعتدت على السخط-, على الأقل استعدت استقلاليتي وتخلّيت عن مسمّى الشراكة.

أما سبب ابتعادي عن التدوين فاللوم كلّه على "تويتر" طبعاً, كان الطابع الشخصي هو الغالب في المدونة حتى وقت قريب ولكن مع وجود "تويتر" الذي يتيح لي لفظ فساد فكري فوريا أصبحت الحاجة للتدوين غريقة وأصبح يومي عائماً.

فقط أردت أن أعلن ماسبق, الآن سأذهب لمشاركة ذلك السيد (أبوسكاكين) فراغ الذهن, إلى النوم.