السبت، 18 يونيو 2011

[رواية مسلسلة] وهكذا سقط! #2


كنت قد قررت السبت الفائت نشر رواية "وهكذا سقط!" بصورة مسلسلة أسبوعية, كل يوم سبت أنشر قطعتين من الرواية.
يغلب الحوار على هذا الجزء, جعلني هذا أتردد في استخدام الفصحى كلغة الحوار الأساسية, في الحقيقة لازلت متردداً في هذا الأمر, قد أغيره اذا تحولت فصحى الحوار إلى عقبة لي عند الكتابة.

يمكنك قراءة الجزء الأول هنا: [رواية مسلسلة] وهكذا سقط! #1


-3-
حاولت تعديل موضعي حتى أنام, ارتكزت احد قدماي على المقعد المقابل حيث كان يجلس العجوز, اسندت رأسي بجوار زجاج النافذة, حاولت تغطية وجهي بطرف السترة, لأني أعرف كيف أبدو مضحكاً إذا نمت, لأني أنام فاتحاً فمي كالأبله وعيناي نصف مغلقتين, لاتزال رائحة الدخان معلقة في أنفي وذهني غائب, فقد قضيت ليلة الأمس مع بعض الأصدقاء على أطراف احدى القنوات, تصاحبنا البيرة وقطعة الحشيش المعتادة, ترددت حينها في الاشتراك معهم حيث ان اليوم مهم, اليوم سفر, ولكن لم تكن عندي رغبة في المقاومة, جلست مع صديقي سعيد يحيطنا ضوء احدى المصابيح التي وضعناها في مكاننا المعتاد, اعتدنا اللعب هنا عندما كنا أطفال, وها قد تركتنا الأيام وبقي هذا المكان نلتقي فيه كل ليلة فقط لنجلس كلّ قبالة الآخر, مجرد الجلوس هناك يبعث ملامح السعادة على وجهي, يعتقد أصدقائي أن السعادة مصدرها البيرة ودخان قطعة الحشيش تلك التي نتشاركها, لكن حين أفكر في الأمر الآن أعتقد أن سر السعادة في المكان نفسه, حتى ان مجرد تذكري له الآن يرسم بسمة بلهاء على وجهي, حضر رؤوف بزجاجات الستيلا وقطعة حشيش مغربي بدا لونها مبشراً, ألقى تحيته المعتادة ووضع الزجاجات على الأرض ثم ازاح سعيد ليحضر علبة الدومينو خلفه.
            -أخبرني سعيد انك ستسافر غداً أخيرا, هل هذا صحيح؟!
نظرت إلى سعيد نظرة لائمة مازحة وقلت:
            - ألا أستطيع أن أستأمنك على سر يا ابن الكلب.
            -هكذا؟! أصبحت هناك أسرار بيننا الآن؟! حسناً وحياة أمك لن تصل قطرة واحدة حلقك.
-لم أقصدها هكذا يارؤوف, لكن طلباتك تكثر عندما أسافر وهذه المرة سأكون مشغولاً للنخاع ولست في حاجة لمزيد من الضغط.
-يا اخي لا أطلب الكثير, هذه المرة كل ما أردته هو إيصال هذه الرسالة إلى اختى.
-أختك؟! منذ متى ولك اخت؟!
-نعم!! احد مصائب والدي الجديدة
هنا قاطعنا سعيد ضاحكاً:
-هههه, والدك هذا لن يتكرر, حتى بعد وفاته لا يزال يسبب الكوارث
عندها نظرت بنوع من الاستغراب إلى رؤوف:
            -أخبرت سعيد ولم تخبرني, نحن متساوون الآن.
            -على الأقل لم تسمعها منه وسمعتها مني.
            -إذاً ما حكايتها اختك تلك؟!
            -ذكرها والدي في وصيته, من زوجته السابقة, يعيشان في المدينة ولهما نصيب في الميراث.
            -ولم يخبرك عنهم من قبل؟! لم يتذكرها إلا في موته؟!
            -أنت تعلم كيف هي علاقتي بأبي, نادرا ما أراه حتى منذ وفاة أمي حين كنت في العاشرة من عمري.
يعيش رؤوف في بيت صغير في احد اطراف القرية, في الحقيقة لم يكن بيتاً, هو أقرب لدوار المواشي منه إلى البيت, كان ينام فيه فقط وباقي اليوم يقضيه في الاهتمام بقراطين الأرض الذي تركهم له والده ليزرع فيهما ما يشاء, وأحياناً يجلس تحت احدى شجرات الجميز المطلة على الترعة, وفي الليل ها نحن في مكاننا المعتاد نقضي الليل بجوار الراديو وبصحبة البيرة والحشيش أو البانجو أيهما توفّر.
            -لماذا لا ترسل لأختك تلك تليغرافاً أو تتصل بها افضل؟!
عندها ضحك رؤوف ساخراً:
            -ههههه.... كيف لم أفكر في هذا الحل مسبقاً؟!... انتظر, ربماً لأني حاولت القيام بذلك فعلاً بلا جدوى يا فالح.
-لماذا بلا جدوى؟! معك العنوان وكل ما تحتاج؟!
-العنوان الذي كتبه والدي في الوصية من ذاكرته لآخر مكان كانت تسكن فيه اختي وامها
            -وما المشكلة؟!
            -المشكلة في انها في الغالب انتقلت إلى مكان آخر لأنها لم ترد على التليغراف.
عندها قاطع سعيد الحديث ضاحكاً وقد بدأ في فتح زجاجات الستيلا:
            -أو ربما ماتا وعندها أصبحت التركة كلها لك يا محظوظ.
نظر إليه رؤوف بجدية وقال:
            -فأل الله ولا فألك, يا أخي هذه أمنية تحققت لي, دائما ما كنت أتخيل وجود أخ لي يشاركني كره أبي.
عندها قاطعه سعيد مسرعاً:    
-عيب عليك يا رجل, نحن نكره أباك أيضاً.
ارتسمت ابتسامة ثقيلة على وجه رؤوف وساد الصمت لبضع دقائق, بدأ سعيد في اخراج ورق البفرة ولف سجائر الحشيش, يعتبر سعيد لف الحشيش فن, منذ أن تعلم الطريقة من رؤوف وهو محتكر لتلك الوظيفة, يجد متعة غريبة في تقسيم الحشيشة وحشوها ولفها..... بينما يقوم هو بكل هذا طال الصمت حتى أصبح ثقيلاً على الآذان, عندها قلت:
            - حسناً, اعطني العنوان,  لو توفر لي بعض الوقت سأذهب.
            -تفضل, واخبرهم أن يسرعوا في الحضور.
وبعدها رمى رؤوف قطع الدومينو وبدأنا اللعب والسمر, بقينا على هذا الحال حتى آذان الفجر, عندها ودع كل منا الآخر واتجهنا متثاقلين وغافلين كلّ منا إلى بيته.

-4-
ها قد انتصفت السماء شمس اليوم, وها أنا الآن أحاول النوم في القطار بعد أن اختفى ذلك العجوز الغريب فجأة, غفلت لبعض الدقائق إلى ان قاطعني احد التجار الجائلين, فتحت عيناي قليلاً ونظرت لا إرادياً تجاه الفتاة تلك التي كانت تجلس في الطرف الآخر من القاطرة, ولكني لم أجدها هذه المرة, عنده أدرت رأسي لأسنده على المقعد وأنام هذه المرة بجدية, ولكن وأنا أدير وجهي اصطدمت عيناي بخيال جالس قبالتي, عندها فركت عيني قليلاً ونظرت لأجد العجوز أمامي مرة أخرى.


الجزء الثالث: [رواية مسلسلة] وهكذا سقط! #3

هناك 6 تعليقات:

  1. عملت ايه في امتحاناتك ياض ؟

    ردحذف
  2. ولا حاجة ياعم معاذ, مش فاكر أصلاً, كالعادة بعد ما أطلع من الامتحان بانسى كل حاجة عنه, هانت, كلها آخر الأسبوع ده وأخلّص.

    ردحذف
  3. هههه اديك عارف اني الوحيد اللي بعلّق على تدويناتك ..
    عسى ما اكونش انا كمان الوحيد اللي بيقرأها

    ردحذف
  4. ههههههه... بتقول كلام وخلاص ولا إيه؟! لا ياناصح عرفتك من الأيبي بتاعك....

    ردحذف
  5. بجد! معلومة جديدة ..
    بس ميمنعش برضو اني انا الوحيد تقريبا اللي بيعلق

    ردحذف
  6. ههههههه... عشان علّقت مرتين في المدونة بقيت الوحيد خلاص؟!... مش عارف أقولك إيه والله, بس بص حواليك في المدونة كدة D:
    ده بالاضافة ان الموضوع ملوش أي أهمية عندي, لأن المدونة شخصية أصلاً :)

    ردحذف