الخميس، 25 أغسطس 2011

الغرفة 79

أنا الآن في فندق "اكستادي الجديد", في الغرفة 79 بالدور الثالث, غرفة صغيرة وظريفة, بين أصابعي سيجارة كليوباترا جولدن كينج كُتب على عُلبتها "احترس من التدخين يدمر الصحة ويسبب الوفاة", توجد نافذة كبيرة جداً تكاد تقارب في طولها طول الغرفة نفسها, وعرضها هو عرض الغرفة, وأنا حالياً جالس على كرسي الغرفة الوحيد أشاهد المبنى المقابل بكل نوافذه المغلقة الرتيبة, تتكرر أشكالها على نمط واحد بطول المبنى وعرضه أيضاً... انتظر, هناك تميّز طفيف, يوجد تحت بعض النوافذ مكيّفات, والبعض الآخر اكتفى بطبق "دش".
لا يهم... فأنا الآن في أحسن حالاتي الذهنية, مستنداً على ظهري وقدماي على حافة الشبّاك, وهواء الصباح يغازل مابين ملابسي الداخلية وجلدي متعدد الألوان, فقد أُصبغت بعض أجزاءه بلون أسمر إلى الأبد, بفعل شمس هذه المدينة أو ربما مدن أخرى, لا يهم... سجارة الصباح مشاغبة لكنها ضرورية لمثل هذا اليوم... عيناي مرهقتان بعض الشئ كوني لم أنم جيداً, في الحقيقة لم أنم أصلاً, كانت ليلة الأمس ليلة طيبة...
المهم, أرى الآن على احدى جدران الغرفة رقماً غير واضح, يبدو انه رقم محمول احد نزلاء الغرفة السابقين, لا أدري ما الذي قد يدفعه لكتابة رقمه في هذا المكان بالذات, ربما يبحث عن اصدقاء, أو ربما كان أحد هؤلاء الحمقى الآملين في ان تلتقط رقمه احدى الفتايات, لا أظن ان نزل بهذه الغرفة انثى من قبل.

الأحد، 7 أغسطس 2011

صديقي ذو الأيادي الأربع

\ابدأ
في احدى يداي الآن موزة, اليد الأخرى مرتكزة بانشغال على احدى قضبان السور الكبير الفاصل بيني وبين صديقي ذي الأيادي الأربع, أصبح صديقي اليوم فقط, لأن لونه يروقني اليوم, صديقي ذو الأيادي الأربع يتغير لون جلده كل فترة, لا أدري ان كان هذا فعلاً لا إرادياً أم هي رغبة منه في السخرية مني, لا يهم فقد أهداني اليوم ابتسامة, هذا جديد, وكل جديد ضيف مرحّب به في هذا المكان, ولهذا أُمسك الموزة في يدي الآن, فأنا عادل وأحفظ الحقوق.

\استراحة في علم الغيب
شاهدت اليوم -من بعيد- جبل خطاياي لأول مرة, كنت في احدى القطارات عابراً, خارجاً من باب الخلق ذاهباً مع الآخرين إلى باب العلوق, لم تسنح لي النافذة أن أراه بوضوح, لكن يبدو أن الجبل يحترق, فقد رأيت آثراً متكسّراً للدخان منطبعاً على زجاج النافذة من فعل الندى, فقد كنا في الصباح, آخر صباح, فمنذ أن عبرت باب العلوق و رقبتي مائلة بتشدد إلى الأرض, لم أجروء حتى الآن على رفع وجهي إلى السماء, فقد أخبروني أن روحاً مهولة تتربع عرش هذه البلاد, يحمل عرشها كائنات اسطورية خارقة الصفاء, نحن هنا فقط لخدمتهم.

\استكمل 
يبدو صديقي ذو الأيادي الأربع سعيداً اليوم, في الحقيقة لا يوجد عندي دليل على سعادته, فقد أخفى عني وجهه منذ زمن, لكنّي أعرف انه سعيد, ربما يعرف هو أني جالساً الآن أمامه, أتفهّم انشغاله عني, فقد مر بأيامٍ عصيبة, لا أريد أن أقاطعه في لحظاته النادرة تلك, سأعود أنا عندما يعود هو إلى حزنه المعتاد, عندها قد يحتاجني فعلاً, عندها سأعود لكرهه مجدداً, لماذا أُمسك بالموزة في يدي أصلاً؟! أنا أعلم أني لن أحتاجها أبداً, في الحقيقة لقد تعفّنت منذ زمن طويل.


\بيان الراحة في علم الغيب
رأيت اليوم احد الزملاء يحاول اختلاس نظرة إلى السماء, أدركت ذلك من الاهتزاز الصامت لرقبته, محاولة يائسة لتحريك عظامها في اتجاه لم تخلق لتذهب إليه, أدركته بسرعة وذكّرته بالروح المهولة وغضبها, لا يجب أن تحاول حتى, ليس هذا دورك, هل تذكر كيف كنّا؟! لقد احترق جبل الخطايا الآن, نحن الآن في أفضل الحالات وأي تغير طفيف سيضيعنا.

\انتهى
رميت الموزة المتعفنة من يدي وانضممت إلى صديقي ذي الأيادي الأربع خلف السور الكبير, أردت أن اشاركه سعادته هذا اليوم, فقد كنت طامعاً في بعض منها, ولكني كلما اقتربت منه أحسست بخمول وآلم متزايد في قدماي, إلى أن وصلت إليه, وأسندت حينها احدى يداي الأربع الجديدة على كتفيه.

الاثنين، 1 أغسطس 2011

[تشريح] تجربة عسكرستان الأولى

قضيت اليومين الفائتين تجربة جديدة علي نوعاً ما, باختصار وبلا مقدمات شاهد هذا التسجيل:
ما كنت احاول فعله هنا هو ببساطة انجاز لعبة في 48 ساعة, كمشاركة في احدى أشهر "مسابقات" مطوري الألعاب المستقلين, أتحدث هنا عن Ludum Dare, أُنشئ عام 2002 كمحاولة من مطوري الألعاب للحفاظ على معدل انتاج ألعاب جيد وسط الأشغال الأخرى, فالشرط الوحيد في مناسبات هذا الحدث هو أن يقتصر العمل على يومي الأجازة الأسبوعية (مع امكانية الامتداد في مسابقات mini-LD) وتسجيلات الفيديو ليست ضرورية طبعاً لكن تساعد على ابقاء روح الالتزام وعامل مساعد على التركيز, ماجعلني اشارك في المسابقة هذه المرة هو اتفاق سمة المناسبة مع فكرة كانت معلقة في ذهني منذ فترة, السمة هذه المرة هي "الجيش", وطبعاً اذا كنت متابعاً لآخر الأحداث في مصر فهناك أكثر من داعي قد يجعلني افكر في صنع لعبة ساخرة عن الجيش وحكم العسكر في مصر وما يحدث الآن في سوريا وليبيا وتونس, على الرغم من اني لم أتمكن من انجاز اللعبة في الوقت المحدد الا ان التجربة ذاتها تستحق التشريح, ربما تكون فرصة أيضاً لتشجيع الزملاء من مطوري الألعاب العرب لتنظيم مناسبات بنفس الاسلوب.