الجمعة، 8 أبريل 2011

طقس الكتابة


بدأت منذ يومين تجربة جديدة علي نوعاً ما, وهي كتابة قصة قصيرة كل يوم, بشرط أن تكون في حدود الثلاثمائة كلمة, واتتني الفكرة حين اقترحت على أحد أصدقائي والذي كان يمارس هذه التجربة محاولة منه لتحسين قدراته الأدبية كونه طالب في كلية أدبية وكونها محور اهتمامه ودراسته, اقترحت عليه أن ينشئ مدونة يضع فيها كتاباته اليومية ليتيح لي ولغيري قراءتها وتقييمها, وبالفعل أنشأ المدونة, ليخبرني بعدها أن المدونة ساعدته على التحمّس أكثر للكتابة والنشر, (أتحدث هنا عن صديقي ديفيد, وهذه مدونته storyz.tumblr.com), بالتأكيد التجربة مثيرة للفضول, فعندي أيضاً مدونة, لما لا أجرّب الفكرة أنا أيضاً, ولأني مضرب –نوعاً ما- عن الانترنت فسأقوم بنشر ما أكتبه على دفعات حين تتاح لي الفرصة, سأضع تعليق قصير على كل قصة لأوضّح بعض الأمور فلازلت مبتدئاً وكتاباتي قد لا تصيب الهدف لذا نقدكم وشتائمكم مرحّب بها هنا. 


القطار (الأربعاء 6/4/2011 مـ)
  هذه القطعة من المفترض أنها تدور حول طالب جامعي وحيد يعيش حياة رتيبة بلا معنى, لا أدري ان كنت نجحت في تصوير اضطرابه النفسي, بنيت هذه القصة على ملاحظاتي وسفري الدائم في القطار.


  استيقظ الطالب ص. م. متأخراً كعادته, أعدّت له أمه فطوره المكوّن من بيضتين وكوب لبن, نزل الطالب ص. م. من بيته حوالي الساعة السابعة كالعادة, وها هو يجري متعثّراً كي لا يفوته قطار السابعة والربع والذي يستقلّه ذاهبا إلى المدينة حيث كليته, يقضي الطالب ص. م. معظم وقته الدراسي في احدى القهاوي المجاورة للكلية, وجهه من العلامات المميزة للقهوة في هذا الوقت من السنة, يجلس متكوماً في احدى جوانب القهوة ودائماً ما يعطي ظهره للشارع والمارة وتظل عيناه معلّقتين في شاشة تلفاز المحل, اعتاد صبي القهوة المزاح معه بالمرور بجواره وتصنّع الوقوع ليضحك بعدها ويقول "فووووق" بلحن صبيان القهاوي المميز, ما يغريه للقيام بذلك هو سَرَحان الطالب ص. م. الدائم, فالناظر إلى عينيه يعتقد أنهما اخترقتا التلفاز لتنظر إلى شبح ما وراءه, كانت أيام الطالب ص. م. متشابهة, يدور في ذهنه سؤال غريب فلماذا السبت سبتاً ولا فرق بينه وبين الأحد مثلاً, ربما كان الأجدر أن تقسّم الأيام إلى تلك الأيام التي يطارد فيها القطار والأيام التي يقضيها متأمّلا سقف غرفته, لكن اليوم يبدو مميزاً, ها هو يقف في المحطة وعلى وجهه تعابير النصر فقد حقق إنجازاً جديداً يضاف إلى قائمة إنجازات الطالب ص. م., لقد سبق القطار في الوصول إلى المحطة, يقول في ذات نفسه "سجّل يا تاريخ اليوم اللي سبقت فيه القطار", يبدو اليوم مبشّراً, فقد اعتاد الطالب ص. م. الوصول في اللحظات الأخيرة لإقلاع القطار وفي بعض الأحيان يراه وقد خرج من المحطة أمامه وهو لايزال يعبر احدى قنوات الأراضي الزراعية المقابلة للمحطة, حينها يتخيل القطار يسخر منه, فبين الطالب ص. م. والقطار قصّة منافسة ونزال طويلة لا متسع لها هنا, اعتاد الطالب ص. م. الجلوس بجوار النافذة حيث يستطيع الهروب بنظره من ضيق غرفة المقطورة والسحنات المألوفة للراكبين الأغراب, لكن اليوم يبدو حقاّ مميز, فقد جلست قباله فتاة هذه المرة, اعتاد الطالب ص. م. مجالسة العواجز والعمّال من قبل, لكن اليوم كما قلت مميزاً, كان جلوس الفتاه قبالته كلطمة بكف ثقيل ككف والده, احتار الطالب ص. م. في ما يتوجب عليه فعله وكأن غريزته تدفعه لإصدار ردة فعل ما ولكن لا يعرف ماهي, تمتد يدا الطالب ص. م. سريعاً ولا إرادياً إلى صدر تلك الفتاه الجالسة قبالته, مرّت لحظات قليلة من السكون بسبب المفاجئة, تبعتها صرخة جافة من الفتاه بعدها انهالت على الطالب ص. م. الأطراف من أيادي وأرجل ليكون هدفها الطالب ص. م. والذي كان هو أكثرهم تفاجئاً واستغراب. ولأن اليوم مميز فسيقضيه الطالب ص. م. في مكان جديد وربما سيظل هناك لوقت ليس بقليل, وهكذا مرّت بقية الأيام ليجلس على نفس كرسيه في القهوة طالب جديد مديراً ظهره للشارع والمارة أيضاً كالعادة.


 المقص والعود (الخميس 7/4/2011 مـ)
  كتبتها وأنا نصف نائم, كنت أفكّر في الثقافة الجمعية من منظورين: التعصّب الثقافي والديني الذي قد يجعل من مقارنة بسيطة ومنطقية محلّ للسخرية, وجلد الذات الناتج عن انعدام الشخصية الفردية وسيطرة الثقافة الجمعية –الخيالية- المتمثلة في وجود أشخاص أحقّ بالحياة وأجدر بإرشاد الناس, أعتقد أنه كان من الممكن كتابتها بصيغة أفضل, خصوصا الجزء الثاني منها.

  أذكر انّي هددت مازحا أحد زملائي الهنود في العمل بإخبار أصدقائه من الهنود بأنّي وجدت مقصّاً في بيته, فقد كان سيخياً, ومن فروض ديانتهم إبقاء الشعر دون قص ولفه في عمامة مميزة, و لم يكن يخطر على بالي أني آخر من يحق له السخرية من هكذا أمر, عدت منذ يومين إلى بلدي, لأخبركم الحقيقة أنا معلّق الآن على احدى أعمدة الإنارة –سابقا-, إحدى أعمدة الصلب الممتدة على الطريق –حاليا-, فقد أحكم المتدينون قبضتهم على الحكم في بلادي, تهمتي؟! ... تهمتي تثير الضحك وتثير شماته صديقي الهندي أيضاُ, فقط وجدوا عوداً في بيتي, كان العود قديماً ومورّثا في العائلة من جدّي والذي كان أحد الموسيقيين ذائعي الصيت في عصره, في الحقيقة لا أستطيع العزف عليه حتّى, أعتقد ان أحد أوتاره مقطوع أصلاً, لكن هذه الحجج لم تكفيني شر قطع الأذان والتعليق في الساحة مع زملائي من المتهمين بالفجور والعصيان, ربما هم على حق, ربما أستحق عقابي, فلست مثلهم أقيم الليل فأنا أنام, لست مثلهم صادقاً دائماً فأنا أكذب أحياناً, لست مثلهم عفيفاً فأسب أحيانا حتى ولو في سري, لست مثلهم طاهراً فأنا أستحم فقط مرتين في الاسبوع, لست تقيّاً مثلهم فليس لي لحية, لست ذكياً مثلهم فلا أفهم كلّ ما في كتابنا المقدّس, لست مؤمنا حقاً فلم يزرني الرسول ولا غيره ليكلّفني بإصلاح الكون, لست قوي الارادة مثلهم فأطرب للعزف وأستمتع به, نعم أستحق هذا العقاب, لا أستحق الحياة, فلست مثلهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق