الأربعاء، 27 يوليو 2011

[سجل تطوير الحد] إحياء عالم بديل #1

هذه أولى سجلات التطوير التي سأكتبها بهدف توثيق مراحل تطوير لعبة الحد, ستكون فرصة لمناقشة العديد من المواضيع المتعلقة بتطوير وتصميم الألعاب, لا يُشترط أن تكون مهتما بالألعاب لتقرأ هذه السجلات, سيفاجئك مدى ارتباط المواضيع المطروحه هنا بمجالات أخرى كالكتابة والسينما والعمارة وغيرها من الأمور المعنية بالفن أو الترفيه, ستكون فرصة أيضاً لنقاش مواضيع اللعبة مع المهتمين بها وأيضاً خلق مساحة لإيجاد أفكار جديدة, إذا لم تكن تعرف ما هي لعبة الحد يمكنك الرجوع إلى هذه الصفحة .
سأتحدث اليوم عن بعض القرارات التي اتخذتها في كتابة وتصميم عالم لعبة الحد, سأتحدث أيضاً عن تقنيات الرواية في القصص التفاعلية (Interactive Storytelling) ونقاط تميزها عن أساليب الرواية التقليدية, أيضاً عن ضرورة استغلال المساحات المعمارية في إخبار القصة وإضفاء روح لعالم اللعبة, أو بمعنى أخر سأتحدث عن التقنيات التي أستخدمها لخلق عالم آخر بديل غريب على اللاعب وفي نفس الوقت قادر على جذبه وإغماره في التجربة.

الأحد، 24 يوليو 2011

[رواية مسلسلة] وهكذا سقط! #3


أولاً أعتذر عن التأخير -مضى شهر؟!-, لكن هذا حال الكتابة, في الحقيقة كنت بحاجة لهذه الإجازة, تغيرت خططي, راجعت الكثير من الأفكار التي كنت قد نويت طرحها في الرواية, وجدت أيضاً أن إيقاع الرواية أسرع مما يجب, ولأن الكتابة عاصيه بطبعها فقد قررت اتباع نظام جديد في كتابة هذه السلسلة, سأخصص ساعة كل يوم لها, حتى وان قضيتها متسمراً امام الشاشة, فقد اكتشفت أن أفضل طريقة لانتظار الأفكار هي الجلوس و... هيه انتظارها. 

يمكنك قراءة الأجزاء السابقة هنا: [رواية مسلسلة] وهكذا سقط!

السبت، 16 يوليو 2011

الزنوبة المقلوبة

صادفتني هذه الحكاية الطريفة وأنا أتصفح كتاب "حكاية أبي القاسم البغدادي" لأبي المطهر الأزدي:

كانت زادمهر جارية بارعة الجمال, طيّبة الغناء. رآها يوماً فتى من بغداد فعشقها, وأخذ في استعطافها بالمراسلات والمكاتبات, وهي لا تعرف إلا الدنيا والدينار. وجعل يصف لها في رقاعِة عشقَه, وسهره في الليالي, وتقلّبه على حرّ المقالي, وامتناعه من الطعام والشراب, وما يشاكل هذا من الهذيان الفارغ الذي لا طائل فيه ولا نفع. فلما أعياه أمرها, وبئس من تعطّفها عليه, كتب إليها في رقعة:
وإذ قد منعتني زيارتك, فمُري بالله خيالك أن يطرُقَني ويبرد حرارة قلبي.

فقالت زادمهر لرسولته:
 ويحك, قولي لهذا الرقيع: أنا أعمل ما هو خير لك من أن يطرقك خيالي؛ أَرسل إلىّ دينارين في قرطاس حتى أجيئك أنا بنفسي!


أعجبتني جدا الوجودية الغير مقصودة في هذه الطرفة, فقد أعطى الفتى معناً سامياً -نوعاً ما- لانجذابه للجارية, وحاول التغزل لها كالعذريين, بالبلدي "كان عايش الدور", ولكن الطرف الآخر كانت واقعيته صارمة, إذا أرادها حقاً كل ما يتوجب عليه فعله هو إرسال دينارين في قرطاس, بلا تعقيد ولا مبالغة, خالفني الرأي إذا أردت ولكني أجد في هذه الحكاية القصيرة أفضل مثال لوصف دنيانا هذه, هناك هؤلاء الفتية البغدادين, الغارقين في الاصطناع وإيجاد المعاني الفارغة لدنيا عاهرة لا تكترث لمثل تلك الأشياء, أتحدث هنا عن حالة الهرب من الواقع الموجودة في الجميع بلا استثناء وان تفاوتت الدرجات.

جعلني هذا أتذكر احدى العادات الشعبية في التشاؤم من الأحذية والشباشب المقلوبة, للأسف الدنيا ليست بالعمق او الجلال الذي نتمناه ويظهر في حواديتنا, الحياة اعتيادية ورتيبة, المثير فيها من صنع الخيل, فللأسف لا توجد عفاريت شباشب, لا توجد جنيات ليل, لا توجد حكمة الشيوخ, لا توجد قدسية الأماكن, لا توجد عظمة الحكام, لا توجد التنانين ولا الفرسان الشجعان, لا توجد الحروب المقدسة والجهاد الواجب, لا توجد جنيات الأسنان, لا توجد قواعد وأصول, لا توجد شياطين تهمس لك في آذانك, لا توجد أشباح تختبئ خلف دولابك, لا توجد الأرواح الطاهرة ولا الحكماء المكشوف عنهم الحجاب, لا توجد جماعة سرية تحكم العالم منذ الخليقة, لا توجد مؤامرة عالمية ضدك أو ضد فئتك, كلها أشياء نستمتع بصنعها من الخيال.

في بعض الأحيان يجعلني هذا أتمنى أن أتقمص دور Izo حين أموت.

السبت، 9 يوليو 2011

الثقافة المضادة أو كيف تمشي ليلاً

هذا الصباح خطرت على بالي فكرة شغلتني طيلة اليوم.
 كانت جدِّية كفاية لأن أقضي يومي مستلقياً على ظهري أتابع أجنحة المروحة المعلقة في سقف البيت. قبل أن أخبركم بما خطر ببالي أريد ان احكي حكاية صغيرة أولاً، عن قرد لا يأكل إلا في أوعية، لا يقفز ولا يتسلق إلا حين يُأمر، قرد يقضي معظم يومه مستلقياً على أرضية احدى أقفاص السيرك، موجهاً مؤخرته الحمراء إلى الشمس، قرد لا يعيش في الغابة، قرد للمشاهدة والاستعراض فقط. لا يعرف القرد غير تلك الحياة، لا يجد لها معناً ولا طعم، ولا يشغل هذا باله، فقد عَرف منذ الصغر أن هذا دوره، هذا مايتوجب عليه فعله. لم يتذمر، لم يحاول حتى الهرب، فهو لا يعلم أن خلف هذا القفص قرود أخرى تتسلق الأشجار لا الحبال، لكن هذا كله سيتغير، يوم أن يشاهدهم من قفصه ذاك وهو في رحلته مع السيرك عبر البرية، رأي كائنات لها نفس ملامحه، لكنها تراقبه من الخارج، لا يستطيع الاقتراب منهم اذا أراد ولكنهم يقدرون. عندها تغيّر كل شئ، نمت فكرة توحي بالرغبة في الخروج من القفص في عقلة، الرغبة في تسلق الأشجار... سأتوقف هنا، يمكنك انت اكمال الحكاية إذا أردت، كون الرمزية في الحكاية واضحة بشكل يدعو لاتهامها بالسذاجة، لا لشئ إلا لأنها تردد عبارات كالقفص والحرية وخلافة من الكلمات التي صمّت آذاننا، خصوصاً في الفترة الأخيرة، لكن في الحقيقة ليس هذا هدفي أبداً الآن، الحرية لا تعني بالضرورة وجود سلطة خارجية تستطيع سلبها منك، لا تعني بالضرورة أنك مجبور ومغلوب على أمرك. بالتأكيد هذا جزء كبير من القضية لكن ليس الأهم، ليس المهم في القصة هو القفص الذي يمنع القرد من الخروج إلى الغابة، المهم هو هل يدرك القرد انه يستطيع تسلق الأشجار؟! هل يفهم القرد أن دوره ليس إمتاع الجماهير؟! هل تدرك أنك لست بحاجة للتظاهر -أو الأسوء -التبني الأعمى لأفكار المجتمع لإرضاءه؟! هل تفهم أنه يمكنك أن تعبر بأي شكل كان عن أي شئ كان؟! هل تدرك أن حياتك ملكك وحدك ولا يحق للمجتمع تدميرها بفرض دور مسبق التجهيز، لتصبح ترساً في ماكينه تضخ نفوذاً وثروة في جيبوب الكبار؟! هل تدرك انك لست بحاجة لأن تحب أو تتظاهر بحب بلدك أو حتى والديك؟! هل تفهم انك لست مضطراً للالتحاق بالتعليم الانتظامي لتصبح متعلماً أو مثقفاً؟! هل تدرك أنك لست بحاجة للذهاب إلى صلاة الجمعة أو قداس الأحد إذا لم تكن ترغب في ذلك؟! هل تعلم أنك لست بحاجة لدفع حياتك تأشيرة دخول المجتمع؟! هل تدرك أن هناك قروداً تتسلق الأشجار أمام هذه القضبان؟! كفاناً أسئلة ولننتقل إلى الموضوع الحقيقي لهذه التدوينة...

(تحذير بها محتوى عاري)