السبت، 30 نوفمبر 2013

ثلاث ثوانٍ

انتهى أحد الاشخاص، لتوّه، من التصالح تماماً مع قرار تأجيل كل ما كان يتوجّب عليه فعله اليوم، وقف لفترة زمنية قصيرة أمام شاشة الكمبيوتر، ضاغطاً بيديه على السمّاعات إلى أذنه، كمن يغرس حجراً في طين جاف، منتظراً اللحظة المناسبة لتنفيذ الفعل التالي، لا توجد نيّة معينة لفعل ما واضح قد يرغب في القيام به، لكن بالتأكيد يجب أن يحدث أي شيء الآن، على الأقل يمكنه البدأ في العد. واحد. اثنان. ثلاثة. ثلاثة؟ ثلاث ثوان؟ مثلاً، ماذا لو اختفت كل الأفعال في هذا العالم عدا تلك التي يمكنها الحدوث -من البداية إلى النهاية- في ثلاث ثوان، الأرقام مثلاً، كم من الأرقام ستبقى؟ فلنحاول العد الآن -أكبر عدد من الأرقام يمكننا عدّه خلال ثلاث ثوان، جَلَس وركّز نظره على الساعة، أَوقَف الموسيقى وبدأ في العد، واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، خمسة، ستّة، سبعة، ثمانية، تسعة، عشـ..، انتظر، هل يجب أن نحسب الكسور؟ صَفَع جبهة رأسه الآن كمن أدرك انه على بعد لحظات من نهاية الكون، كيف لم يلاحظ أمراً بهذا الوضوح؟ كان يجب أن يتخذ قراراً حيال الكسور قبل البدأ، انتهى الوقت الآن، زَفَز زفرة ممتدة تكفي لتمرير الثلاث ثوان التالية، ثم بدأ في التفكير، في عالم مثالي بالتأكيد سيكون هناك طريقة لتجاوز استخدام الكسور، قد يتمكّن الفرد العادي من العد بين طرفي المالانهاية في أي وقت كان، لن تختلف الكمية المعدودة بين ثلاث ثوان وثلاث سنين.

قرار جديد، كل أفعال اليوم يجب أن تتم في نطاق الثلاث ثوان، يتضمّن ذلك فعل التفكير في ما سيفعله، ماذا الآن؟ أعاد تشغيل الموسيقى، وبعد؟ انبطح سريعا على بطنه، تمكّن خلال الثلاث ثوان التالية من تكوين طموح مناسب للنطاق الزمني الجديد، أن يستلقي في منتصف سجّادة الغرفة تماماً، مع الحفاظ على السمّاعات متصّلة طوال الوقت، وقت مستقطع، التف وأصبح يواجه سقف الغرفة الآن، لماذا، طوال هذا الوقت، كان يمارس الحياة على امتداد اليوم أو الأسبوع أو الشهر او السنة؟ الحياة أبسط بكثير في نطاق الثلاث ثوان، بَسَط يديه ورفعها إلى أعلى، هكذا تتصرّف الحيوانات؟ متّى تعلّمنا التفكير ببطئ.

الموسيقى، تشتيت محمود، لكن ثلاث ثوان قد لا تكفي حتّى لإكمال جملة موسيقية واحدة، ولا يمنعها ذلك من الاستمرار، وبالمثل، وعي جمعي ومسيرة أجناس كاملة منذ بدأ الخليقة وحتّى الآن، لم يكترث أيّا منها لنطاقات زمننا الخاصة، وفي أوقات التقلّب على سجّاد الغرفة، يحاول الشخص السالف ذكره محاكاة الشكل المطبوع على السجّاد. يقول، من الصعب إيجاد إله في ثلاث ثوان، لكن من السهل إيجاد شكل ما يمكن التكوّم فيه.

اليوم، انتهى أحد الأشخاص، لتوّه، من التصالح تماماً من قرار اتخاذ شكل السجّادة الحاوي له سبباً للحياة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق