دعنا نلعب, انت الآن تسقط
يجب أن ترتطم بأي شئ أثناء سقوطك لكي تنتبه أن الجاذبية تعمل؛
ستستمر في السقوط إلى أن تعتاد عليه, -التكيّف مهم جداً-, فلتجرّب الامر مرَّتين, اقفز من فوق مبنّىً عال, ستتبقى لك ثواني قليلة كافية للتفكير في أي شئ, في المرّة الأولى فكّر في الأرض التي ستعانقها بعد قليل. في المرّة الثانية اغمض عينيك وتخيَّل أنك تطير, قد تكتشف الأمر وحدك أو بمساعدة, لكن تأكّد أنك ستكون متأخراً على أيّة حال, بعد أن تكون قد نسيت من أين سقطت أصلا.
سيحرص البعض على تأكيد مدى خرافية وجود الأرض, سيخبرك بثقة عن أشياء أبديّة؛ اختفاء البداية والنهاية مصدر راحة للبعض طبعاً, يمكننا تفهّم أمور كهذه, البداية والنهاية حدود, والحدود تمنعك من تأكيد بقائك في المنتصف, "يعني أنك دائماً في المنتصف, ولهذا فالارتطام مجرّد قفزة لعالم آخر حيث الأسطورة".
لكن مالعمل؟ تخلّصنا من الاسطورة منذ زمن, وأصبحت نهايتنا واضحة بخوائها, والبداية متخيَّلَة ومتشابهة؛ ومع افتراض ان الخروج لا يختلف كثيراً عن الدخول -كلاهما لا مكان له في الذاكرة-. ما يشغلنا الآن أمور في المنتصف, نحاول بها الحفاظ على أفضل الحالات, "أفضل" هنا طريقة مؤدبّة طبعاً لوصف التكيّف/السكون, وسنسقط طبعاً, لأن الجاذبية تعمل في اتجاه واحد.
لحظة واحدة كافية, صورة خاطفة قد تبدو مؤكّدة تماماً فقط لأنها وعلى ما يبدو خالية من الزمن, بلا فرصة للتغيُّر, فالوقت والله لا يختلفان كثيراً -كلاهما موجود بطريقته الخاصة, في عقولنا, كخيال مآتة-.
16 سنة (08:12:01 مساءاً, الأربعاء, أكتوبر, 2008)
كائن بشري طبيعي -من الممكن اعتباره طبيعياً جداً بإضافة نظّارة طبّية-, لا يزال نحيلاً, مصاب بزكام, يرتدي قميصاً أزرقاً قاتماً وبنطالاً أبيضاً عديد الجيوب, يجلس ممطوطاً على كرسي أخضر تغطيه طبقة من التراب, يُسند احدى قدميه على الكرسي المقابل, في احدى القاطرات الفارغة, متجهاً إلى المنصورة, نوافذ القاطرة كلها إمّا عالقة أو مكسورة, مع سماعات اذنه الملتفّة بإهمال حول اذنه, موجات صوتية مشوّهة نجحت في تفادي تجاويف الاذن فاختلطت مع تيار الهواء البارد, القاطرة مظلمة بالكامل, فقط آثار ضوء خفيف قد عبر منذ ثوان, ظلٌ بدأ على حواف الشبّاك المجاور له وانتهى مبعثراً على الكتل الباقية في نطاق مسقطه.
خطوط ومستطيلات من ألوان قاتمة عدّة, تعرّجات أشد غمقة يتخللها خطوط زرقاء فاتحة, ألوانٌ متعددة مطبوعٌ أثرها على غشاء العين.
Pixies - Caribou, صوت طنّان منتظم مصدره الرأس.
20 سنة (02:43:01 مساءاً, الاثنين, أكتوبر, 2012)
كائن بشري -من الممكن اعتباره طبيعياً جداً بإضافة نظّارة طبّية واستعادة الأجزاء المُستأصَلَة منه-, شديد النحولة, يرتدي عباءة بيضاء خفيفة, مستلقى على سريره, عيناه شبه مغمضة, قوس أبيض نحيل فشلت في اخفائه الرموش, تتدلى يده اليمنى على الأرض, مفك صغير يلامس أطرف أصافعه, بجاور شاشة "اللاب-توب", المنفصلة بالكامل عن القاعدة مع سلك رفيع في المنتصف.
ألوانٌ متعددة مطبوعٌ أثرها على غشاء العين.
صوت طنّان منتظم مصدره الرأس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق