الأحد، 4 مارس 2012

تفاصيل مابعد الواقعة أو: كيف تنتهي المشاريع؟

لاحظت مؤخراً أن الرغبة في الرقص والحركة تزداد باضطراد عنيف مع التوتّر, أستطيع رؤية الموجات الصوتية الصادرة عن الجيتار الالكتروني بوضوح, دوائر ثلاثية الأبعاد متداخلة تشبه حدود الفقاعات, فقط مع إضافة راقصة رشيقة لمركز الفقاعة, -الميعاد قرّب-, وقشر اليوسفندي يطفو حولي في دوامات تتصل نهاياتها بأطراف أصابعي, يتحرّك المؤشر على الشاشة بشكل تلقائي بمجرد النظر, أصابع يدي اليمنى متورّمه, يداي الاثنان مثبتتان تحت فخذي كمحور ارتكاز بجوار مفصل الكتف, -أنا بردان-, أركّز نظري في احدى جوانب الشاشة حيث زر الإرسال, -ضغطة-, ينثر جيتار الباس رذاذه ناحيتي من جميع الاتجاهات بتواتر عشوائي, رأسي تتمايل مع المؤشر بشكل متسارع في كل أنحاء الشاشة, يجب أن أضبط أبعاد الحوائط في المبنى وفقاً للمخطط, -مدير المشروع بيعرّص-, تصلني رسالة تلو الأخرى تخبرني كم أنا "سيء" أو "غير جيّد" في انجاز عملي على حد التعابير المشوّهة لغويا لمدير المشروع الهندي, تقترب جرايس سليك من أذني اليمنى وتخبرني بكلمات ذات لحن متقطّع, -لمّا تلااااقي الحقيقة..-, مضت أيام لم أرمش فيها إلا عند الحاجة لإعادة تشغيل النظام, تنقسم جرايس سليك كما الأميبا وحيدة الخلية بشكل تكراري يشبه أوراق زينه رمضان, تلتف حولي في كل الاتجاهات وتغنّي, -..كدب-.

يدفع أحدهم باب الغرفة بشكل مفاجئ مصدراً دوياً يصعب تجاهله, تنكمش جرايس سليك بسرعة إلى خلية وحيدة مرة أخرى وتزحف في هيئة تثير الشفقة إلى أذني, كما تهوي الراقصة وتفرقع فور أن تلمس الأرض, تمتلئ الغرفة مرة أخرى بالهواء, أشعر به في عيناي فتسيطر علي الرغبة في الرمش, -رمشت-, وضاع مجهود ساعتين من العمل لأني لم أحفظ الملفات قبل أن يُعيد الجهاز تشغيل نفسه, أصبحت وضعية جلوسي الحالية غير مريحة منذ فترة, لم أغيرها حتى الآن, نظري مثبت -هذه المرة- على لوحة المفاتيح, أكتب الأكواد -هذه المرة- بسرعة غير اعتيادية, فقد كتبت نفس السطور مسبقاً مئات المرات, -لسّه ساعة-, رسالة جديدة من احد الاصدقاء, ليس وقته, يجب أن أُعيد بناء المشهد بالكامل من جديد قبل ميعاد التسليم, ستصلني رسالة أخرى من مديرة التسويق في تلك الشركة, -مستعجلين-, تُخبرني أن المشروع بالكامل يعتمد على ما سأنجزه في هذه الساعات القليلة, أنا صانع ألعاب, ما أقوم به الآن لآكل العيش لا أكثر, انتهيت تواً من برمجة أولى المشاهد الدعائية للشركة, سأنتظر تعليقاتهم الآن وأنا أشاهد كليب أغنية ل"بيورك" على اليوتيوب.

من المؤكد أن هناك سبب لطول شعري بهذه السرعة, تمتد الخصلات بشكل طولي ومتشابك إلى سقف الغرفة, اشتد التماسك بعد أن وصلت أطرافها أخيراً إلى سقف المروحة, التفّت حول ريّشها بتوزيع عشوائي, واتخذ باقي الشعر وظيفة النباتات المتسلقة, -كان عندي ميعاد النهاردة-, أخبرت صديقي كم كانت مثيرة مديرة التسويق في المشروع الحالي, أرسلت له صورتها أيضاً, -بحب الميلفات-, قررت إرسال الملفات على حالتها دون تعديل والتحجج فيما بعد بمشاكل في طريقة النقل والبروتوكول المستخدم, يزعجني مدير المشروع كل خمس دقائق بتعليق أو فكرة جديدة, ثم يخبرني في النهاية ان المشروع عاجل ويجب الانتهاء قبل الوقت المحدد بفترة ليتمكّن من التجربة والتعليق مرة اخرى قبل التسليم, اهتزت الغرفة بأكملها منذ قليل, يبدو أن أحدهم اتصل بي, لا أذكر متى ضبطت الهاتف على الوضع الصامت, لكني بالتأكيد أشعر بالعرفان لذاتي السابقة التي قامت بهذا الفعل, الأغنية التي أستمع إليها الآن لا تقبل المقاطعة, -لسّه بدري-, تتكاثر الأفكار في رأسي في مثل هذا الوقت من اليوم, لساعة أو ساعتين أجلس بهدوء ممداً رأسي للخلف ومستوى الصوت في سماعات الرأس لأقصاه, -جيتار ريف-, مادي ووترز يخبرني عن رجولته, أصيح مع بقية الرجال, وااااه, مع كل صرخة أسمع صوت وصول رسالة جديدة من مدير المشروع, وااااه, -المشروع في خطر-, واااااه, -كدة مش نافع-, واااه, -كدة أحسن-, وااااه -لا ارجع تاني-, أظن أن السماعات أصبحت اليوم عضو حي جديد في جسدي المركّب, أخبرني إيريك باردون منذ قليل أنه يدرك أنه فاز, حسناً, أنا أيضاً, -اشتغلت أخيراً-, أرسلت له النسخة الأخيرة من الملفات, وانتهينا للتو من الاتفاق على طريقة الدفع, والآن أحاول تذكّر ما كنت أود فعله في حياتي قبل استلام المشروع, على الأقل إلى أن يأتي موعد الآخر.

-استنّى, الكود ده بعتهولي قبل كدة-, أظن أني بحاجة إلى التبول أو الاستفراغ, أيهما أقرب.

هناك تعليقان (2):

  1. awel 7aga nice new look for the blog :)
    tany 7aga just asking you to post some links for ur work ;) bema enak mesh bet5alas 7aga fa wareena your portifillo

    ردحذف
  2. عندك شغلانه ليا ولا إيه؟... ألبوم روبابيكا عالفيس فيه حاجات, معظم الشغل مقدرش أنشره عشان الـ NDA وما إلى ذلك...

    ردحذف