الاثنين، 13 أكتوبر 2014

سرور

اليوم أوضَحَ لي، دون غيره من الأيام المحايدة، كم أكره فكره أن إلاها ما موجودٌ وخَلَقنا عن وعي؛ كنت أتمنى أن تكون رواية بدأ الوجود، في أي ديانة، بفعل شيطان، وأن الله ثار عليه حتّى اعتلى العرش. كانت ستبدو الأمور منطقية أكثر. أو أنه بذلك إله يستحق التعبّد إلى أن ننتهي. إلى الأبد دون آخره.

يقتضي الأمر أن تكون على شفا السُكر، وأن يكون بجوارك المواطن ذو الأصل النوبي «أحمد سرور»، لتدرك أنك أخطأت حين قررت الخروج من حجرتك.


لم أمتلك يوماً دافعاً لفعل أي شيء، غَلَبَةً أستعين بأي مصدر هلاك لإثارة دافع للبقاء، كحيوان فُرِضَ عليه أن يُوجَد، «انت بتدخّن كتير»، على الأقل يصبح أمامي شيئاً بإمكاني مواجهته ولو لدقائق. أسَلَم طرق الموت تتطلَّب البقاء وسط كل هذا أكثر من عقدين دون نتيجة تُذكَر.

 يخبرك الأستاذ سرور عُنوةً عن أخيه القاطن بباريس، وقدرته على اتمام تأشيره سفره إلى السعودية لأداء فريضة العمرة.

«بص لو انت مش عارف تكتبها كلها دلوقتي اكتب أفكار عامة وخلصها لما تروّح»، يقاطعني فلان بعد أن استحوذت على عزلته وكمبيوتره في الطريق، يريد أن يقضي ليلته كما جرت العادة وحيداً مطارداً رفيقاتٍ أجدر بكسر وحدته، أو أجدر بقضاء حاجته إلى إماته أطفاله فيهم. بائس المشهد برمّته، وموسيقاه تلك التي يُصِر على تشغيلها.

«أحمد سرور» يتحدث أربع لغات ويعلنها أن «فَك إت آي وانت تو هاﭫ فَن»، هذا بعد أن يؤكد أنني «أد ابنه»، تمهيداً لحكمة ما لم يخبرني بها للأسف.

«أم كلثوم تغنّي لكل الناس وتُرضي كل الأذواق»، من المغري أن تصدّق هذه المقدمة فقط كحجّة لاستدعاء حنين زائف لزمن ما، كان جمهوره ببساطة احتواء ام كلثوم له. تبدو لي كامرأة عجوز بائسة، لم تمتلك يوماً محمولاً تبحث به عن رفيق تُميت به أطفالها بدورها.

يعلن النادل «أحا وبتسلم عليه كمان» حين ودّعت رفقاً المدعو «أحمد سرور» قبل أن أغادر، «متفهمش منّه كلمه ده».

قابلت فُلان دون تخطيط. وها أنا جالس الآن أحاول استخراج أي نتيجة من فرصة غياب وعيي، بذات مزرية أُرغِمت على حملها، وجسد لم أتعرّف عليه يوماً وإن كان أطولهم عُمراً معي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق